IMLebanon

خطة الكهرباء.. أين الخطة؟  

 

 

بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء بتاريخ 25/2/2022 والتي كانت مخصصة لدراسة ما أسماها وزير الطاقة بخطة الكهرباء التي استغرقت ساعة واحدة ظن أنه حقق انتصاراً بإقرار الخطة، ومن يدرس كارثة حصر وزارة الطاقة بممثلي التيار الوطني الحر يدرك أنه ليس هنالك من خطة مدروسة، بل خطوات اقترحت وأقرت من دون تنفيذ منذ سنوات، ومن هذه العودة إلى موضوع معمل لإنتاج الكهرباء في سلعاتا والتبرير الذي أعطي حين أعلن عن ذلك الاقتراح كان أن المناطق المسيحية تحتاج إلى محطة حرارية، ويا لهذا التفكير من تبرير وكأن محطة دير عمار محصورة بطرابلس أو محطة الزهراني بالجنوب.

 

الحكومة العتيدة قررت استيراد الكهرباء من حقل يعتمد إنتاج الطاقة من الألواح الزجاجية أنجز في الأردن بطاقة 1000 ميغاواط ونأمل باستغلال هذه الفرصة – استيراد الطاقة الحرارية النظيفة الإنتاج من مصدر يبعد مئات الكيلومترات وعبر سوريا – ونحن لم نقر ولم نعمل على تنفيذ هكذا حقل مع الصينيين لإنتاج 400 ميغاواط في منطقة البقاع وعلى أرض تخص مصرف لبنان.

 

الوزير الحالي يتحدث عن الحاجة لإنجاز معملين شرط توافر التمويل… وهنا أمر غير أكيد، وهو لا يلتفت – لأنه ليس لديه خطة بل اقتباس لتوصيات سابقة – إلى معالجة قضية المولدات الخاصة التجارية والتي تبلغ طاقتها 1600 ميغاواط أي ضعف الطاقة المتوافرة للدولة وأكلاف إنتاج هذه المولدات مرتفعة وحاجتها للمازوت يتجاوز استهلاك المعامل المنجزة والتي سوء إدارتها يؤدي الى كلفة 28 سنتاً للكيلووات ساعة، بدل كلفة تبلغ 8 سنتات في حقل الأردن، ويضاف إليها كلفة النقل والترانزيت عبر سوريا.

 

الحديث عن إنتاج الطاقة بعد تأمين التمويل الإنتاجي من المصانع الحالية لتؤمن 8-10 ساعات تغذية يومياً وحينئذٍ ترفع بدلات الاستهلاك أمر بالغ الضرر مقابل خيارات أخرى مجالها متوافر، لكن وزراء الطاقة المتعاقبين أهملوها، وللذكر نشير إلى أن وزراء الطاقة من التيار أشرفوا على هذه الوزارة لـ13 سنة متتالية من دون أن يزيدوا طاقة الإنتاج ميغاواطاً واحداً، ولم يعالجوا معمل الإنتاج المائي وغير المكلف في مجرى الليطاني لسنوات.

 

لقد حاز لبنان، خلال ولاية وزراء التيار ثلاثة اقتراحات لإنجاز معملين بطاقة 3000 ميغاواط وبتمويل مؤكد بكلفة منخفضة، وكانت العروض من الصندوق الكويتي، وشركة كويتية رأسمالها 5 مليارات دولار تعمل في مجال إنتاج الكهرباء ومعالجة النفايات وعرض من شركة سيمنز في شباط 2019 إانجاز معملين بطاقة 3000 ميغاواط خلال سنتين تشغلان بدءاً من شباط 2020 وشباط 2021 والتمويل كان مقابل 2 بالمئة سنوياً ولعشرين سنة، فرفض الوزير سيزار أبي خليل العرض. وأخيراً لا بد من التذكير بأن شركة BUTEC اللبنانية عرضت إنجاز معمل بطاقة 650 ميغاواط عام 2013 مقابل 600 مليون دولار، فاختار الوزير باسيل التعاقد بمواصفات أقل على معمل لإنتاج 400-450 ميغاواط مع شركة قبرصية – يونانية، وهذا العقد لم يؤدِ إلى إنشاء معمل، بل أدى إلى التقاضي أمام محكمة بريطانية.

 

موافقة مجلس الوزراء كانت مشروطة بإنشاء الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء في أسرع وقت ومع إعطائها الصلاحيات الكاملة لإنجاز التعاقد مع المصنعين والمشغلين من دون موافقة الوزير، والوزير الحالي الذي يطمح للإشراف على خطة اللاخطة يُعارض ذلك ويسعى لتأخير إنشاء هذه الهيئة لسنة على الأقل يكون فيها العهد قد انتهى ولبنان غير حاصل على الكهرباء بأقل كلفة ممكنة، وهذه النتيجة لن تتحقق قبل إنجازها لمعامل هوائية تنتظر الموافقات منذ سنوات، وحقل حراري بطاقة 400-500 ميغاواط.

 

إن الخطة، التي عبر عن إقرارها وزير التربية المميز بعلمه وأخلاقه شرط تحقيق شرط قيام الهيئة الناظمة وتكليفها بتحقيق خطة متكاملة، وشرط تأمين التمويل، ومسارعة نائب رئيس مجلس الوزراء الخبير الاقتصادي والمالي إلى التصريح بأن الخطة كافية لإقناع صندوق النقد بتأمين التمويل غير أكيدة، وهو لا بد قرأ تقارير البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي عن الوضع المتردي على صعيد توافر المال للاستعمال المفيد.

 

الكهرباء قضية القضايا ومفتاح استعادة لبنان حريات التحويل والابتعاد عن خصائص ما يسمى باقتصاد الممانعة، ولم نشهد بلداً في العالم يعتمد سياسات الممانعة يحقق أي نمو وأي كفاية لأهله.

 

والكهرباء مهمة إلى حد بعيد سواء للتلامذة في المدارس، والأطباء في المستشفيات، وعمال الري وتوافر المياه النظيفة، والصناعات الحقيقية المجدية، وإنارة الطرقات، وبعض المؤسسات العامة وفعالية خدمات معالجة الأزمات، وتسهيلات أعمال فتح الاعتمادات، والاستيراد والتصدير.

 

الكهرباء عصب الحياة المدنية، ومن دون توافرها ليس هنالك من نمو، ونحن نشهد على توجه شركة لبنانية مميزة في هذا الحقل إلى استثمار رأسمال بشري ومادي ملحوظ في تملك شركة لإنتاج الطاقة النظيفة في ثلاثة بلدان أفريقية.

 

وننهي مقالنا الحزين بالإشارة إلى أن شركة ميسرة سكر التي كانت تتولى جمع ومعالجة النفايات لسنوات في لبنان وتتهم باستغلال الأسعار هي اليوم تتولى هذه المسؤولية في 15 بلداً أهم من لبنان ويبلغ عدد موظفيها 20 ألفاً، فهل من وزير يطلعنا على هكذا إنجاز في بلدان الممانعة، وهل نتجاوز التحازب لنكون حقاً مواطنين صالحين؟… لا أدري.