Site icon IMLebanon

خطة الكهرباء… عودة الامرة إلى إدارة المناقصات

 

وتبقى البطولات الوهمية في تبنّي «الحلّ السحريّ» لأزمة الكهرباء المستعصية، غير مفهمومة. قالها رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل إنّ الخطة التي تقدمت بها وزيرة الطاقة ندى البستاني إلى مجلس الوزراء بعد جوجلتها في اللجنة الوزارية المصغّرة، هي نفسها التي قدمها عام 2010. ومع ذلك، استعجلت القوى السياسية عرضَ عضلات «أبوّتها» للمشروع الذي لا يزال حبراً على ورق، وقد يبقى كذلك، إذا لم يقترن بإرادة جدّية للتنفيذ.

 

حسب «التيار الوطني الحر»، جديدُ الخطة هو دمج المرحلتين الدائمة والموقتة ضمن مناقصة واحدة، وعلى أساس سعر واحد. أما الهدف فهو نفسه: 24/24 ساعة تغذية مقابل صفر عجز. ما يميز 2010 عن 2019 هو «الجيبة الممزّقة» التي لم تعد تسمح لخزينة الدولة بهدر أكثر من مليارَي دولار سنوياً لتغطية عجز مؤسسة كهرباء لبنان، وبالتالي ثمة مصلحة مشتركة لدى كل القوى السياسية في سدّ هذا «الثقب الأسود».

 

المفارقة الثانية هي السرعة التي تتسلّح بها السلطة، بعد مماطلة عشرات السنوات، لوضع قطار الكهرباء على السكة، حيث تلقّف مجلس النواب خطة الحكومة وسارعت لجنة الأشغال العامة إلى معالجة الخلل القانوني الذي يعتري الاقتراح الذي وضعته الحكومة في جلستها الشهيرة.

 

حسب ميزان الأخذ والرد حول «قانونية» مسار الخطة، يتبيّن أنّ للمعترضين أربع ملاحظات أساسية: مخالفة قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مخالفة قانون المحاسبة العمومية، تجاوز إدارة المناقصات في المضمون حتى لو تمّ احترامُها في الشكل، تغييب الهيئة الناظمة لقطاع الطاقة.

 

حشد نيابي شارك أمس في اجتماع لجنة الأشغال العامة التي وضعت يدها على الاقتراح الوارد من الحكومة من باب «شدشدته»، إلى جانب وزيرَي الطاقة ندى البستاني والمال علي حسن خليل. الهدف كان التصدي لأيِّ «ميوعة» قد تلحق بعمل الشركات خلال تولّيها انتاج الطاقة، كما يقول أحد النواب المشاركين، خصوصاً أنّ النقطة «ب» من الاقتراح الذي وضعته الحكومة عُدّت مخالفة لقانون المحاسبة القانونية واستهدافاً لدور إدارة المناقصات لتصير بمثابة «صندوق بريد» لا أكثر.

 

وتنص المادة «ب» على أنّه: «يُستثنى في مراحل إتمام المناقصات تطبيق أحكام قانون المحاسبة العمومية وسائر النصوص ذات الصلة بأصول التلزيم، التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها».

 

ولهذا تركّز نقاش اللجنة التي شارك فيها أكثر من ثلاثين نائباً من مختلف الكتل السياسية، على وضع ضوابط شديدة تعيد «الأمرة» إلى قانون المحاسبة العمومية، لتبقى صلاحية التدقيق المالي والإداري في يد إدارة المناقصات.

 

وتوزّعت التساؤلات على أربعة محاور:

 

– هل يُعتبر عقد الـBOT بمثابة امتياز؟

 

– ما هي مواد قانون المحاسبة العمومية المفترض استثناؤها من الاقتراح لكي لا تتعارض مع طبيعة المشروع؟ وهل يُفترض تعدادها لمزيد من الضبط؟

 

– لماذا إحجام الدور الفني عن إدارة المناقصات والمتمثل بإعداد دفتر الشروط؟

 

– ماذا وراء تمديد القانون 288 ثلاث سنوات؟ هل هو حجّة لعدم تشكيل الهيئة الناظمة؟

 

قاد «الهجوم» نواب «القوات»، «الاشتراكي»، اسامة سعد، جميل السيد، جهاد الصمد، مع حرصهم على التشديد على أنّهم لن يعرقلوا الخطة لكنهم يسعون إلى تأكيد «سيادة» قانون المحاسبة العمومية.

 

أكثر من نائب أكدوا أنّ جوَّ الاجتماع كان إيجابياً، وتركز حول الآليات القانونية التي تحمي الشفافية والرقابة الرسمية، ولهذا اقترح بعض النواب تعداد المواد القانونية المفترَض استثناؤها، إلّا أنّ وزير المال ساند وزيرة الطاقة في الخشية من اصطدام النص بالممارسة، فتمّ التفاهم على إبقاء النص عمومياً.

 

حسب المعلومات فقد تمّ استبدال النقطة «ب» من الاقتراح الحكومي بعبارة تقول «تطبّق أحكام قانون المحاسبة العمومية وسائر النصوص ذات الصلة بأصول التلزيم للمناقصة، باستثناء تلك التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها، في مراحل إتمام المناقصات لجهة عقد شراء الطاقة PPA».

 

في نهاية الجلسة تبيّن أنّ الاقتراح هو الحلّ الوسطي بين فريقي «الهجوم» و»الدفاع»، ولكن مع مغادرة معظم «لاعبي الهجوم» قبل التصويت على الاقتراح، عُلم أنّ المعترضين سيعيدون إثارة هذه المسألة خلال الجلسة العامة غداً الأربعاء.

 

وفي ما يتصل بدور إدارة المناقصات الفني، كان وزير المال من المؤكدين أيضاً أنّه عادة ما تتولّى الوزارات المعنية إعداد دفاتر الشروط، وقد أكد النص المقترح دور ادارة المناقصات الرقابي ويمكن لها تسجيل ملاحظاتها، وفي حال وقع الخلاف بين وزارة الطاقة وادارة المناقصات، تكون العودة الى مجلس الوزراء.

 

أما بالنسبة الى الهيئة الناظمة فقد حَسمت البستاني الجدل مؤكدةً أنّ تمديد العمل بالقانون 288 غير مرتبط أبداً بالهيئة، داعية الى التفاهم على التعديلات في القانون لقطع الطريق على أيِّ تأويلات، مشيرة إلى أنها تعهّدت أمام مجلس الوزراء في تشكيل الهيئة سريعاً.

 

وفي هذا السياق يقول نائب من قوى الثامن من آذار إنّ ما قامت به اللجنة هو بمثابة إضافة الزيت على الزيتون على نحو يحول دون التحايل على دور ادارة المناقصات الأساسي لا الشكلي، وهو تعديل منطقي، يؤكد طبيعة الاستثناء ولا يحوِّله قاعدة كما جاء في النص الذي وضعته الحكومة، خصوصاً أنّ الحكومة متفاهمة على دور إدارة المناقصات، وهذا ما أكده وزير المال أمام اللجنة.