Site icon IMLebanon

معمل سلعاتا يؤخّر إقرار خطة منقّحة للكهرباء

 

 

لم يفلح الانهيار المالي الحاصل في تغيير ذهنية بعض المسؤولين اللبنانيين ولم يدفعهم إلى إجراء مراجعة شاملة لسلوكهم وأدائهم، فصارت خطط الكهرباء أشبه بقصة إبريق الزيت التي لا تنفكّ تكرّر ذاتها ونتائجها، على مدى عقود من الزمن، حتى حلّت العتمة والظلمة.

 

وفي خطوة غير معهودة في طبيعتها القانونية، منح مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 26 شباط الماضي، موافقته المبدئية على «الخطة الوطنية للنهوض المستدام بقطاع الكهرباء» المرفوعة من قبل وزارة الطاقة والمياه، بعدما أرفقها برزمة شروط أُلبست لباس تعديلات، أقرّها بالإجماع، ليعيد الخطة إلى مرجعها، مطالباً إيّاه بإدخال هذه الشروط في متن الخطة قبل أن يصار إلى إقرارها من جديد.

 

حتى أنّ وفد صندوق النقد الدولي وقع في حيرة من أمره، ما اضطرّه إلى الاستفسار عن حقيقة القرار الذي اتّخذته الحكومة، وما إذا كان تبنيّاً صريحاً للخطة، أم أنّ ثمة التفافاً عليها.

 

في الواقع، لم تكن موافقة مجلس الوزراء على الخطّة، إلّا مجرّد تمريرة غير مضمونة من جانب شركاء «التيار الوطني الحرّ» على الطاولة الحكومية، نظراً لإصرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على توجيه إشارة إيجابية عن مجلس الوزراء، يريدها البنك الدولي قبيل مراجعة قرض تمويل استجرار الطاقة من الأردن والغاز من مصر.

 

وهذا ما أكّده، وزير الطاقة وليد فياض بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري حيث رأى «أنّ أحد شروط البنك الدولي، لتمويل هذا المشروع، إستجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، هو الموافقة النهائية على هذه الخطة».

 

ولفت، إلى «أننا أخذنا ملاحظات مجلس الوزراء، التي طلب إدراجها في الخطة كي تصبح نهائية، وتمّ تسليمها للأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومجلس الوزراء مجتمعاً عليه إعطاء الموافقة النهائية، وذلك كي نمضي قدماً بعملية التمويل، من قبل البنك الدولي، لاستجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن، وهو ما سوف يؤمّن زيادة في التغذية ومن دون ذلك لا زيادة في التغذية في المدى المنظور».

 

وأكد «أننا نأمل خيراً، أن نتقدم باتجاه خطوات أخرى، هي الموافقة على التمويل مع البنك الدولي، كي نتقدم لاحقاً بمرسوم ومن ثم مشروع قانون لمجلس النواب، لقرض من البنك الدولي، كي يعتمده مجلس النواب، ولكي نحصل بالتوازي مع هذا الأمر على ضوء أخضر أميركي، بعدم حصول أيّة تداعيات سلبية، من قانون قيصر، على مشاريع استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن».

 

لكن ما لم يفصح عنه وزير الطاقة، هو أنّ الشروط التي عدّدها مجلس الوزراء، والتي يطالب بإدراجها في الخطة، كانت بالأساس موضع خلاف بين الوزير واللجنة الوزارية التي تمّ تأليفها من أجل مراجعة الخطة، وقد نقلت اللجنة خلافاتها إلى مجلس الوزراء بعدما عجزت عن التفاهم في ما بينها، مع العلم أنّ وزير الطاقة قدّم نسخة معدّلة عن خطته، لكنّ الوزراء المشاركين اكتشفوا أنّ النسخة الجديدة لم تراع التعديلات المطلوبة.

 

وقد سارع وزير الطاقة، كما أكد أمس إلى تعديل خطته وفق الشروط الواردة في قرار مجلس الوزراء، والمختصرة بالعناوين التالية: تشكيل الهيئة الناظمة وتسمية أعضائها بالمواصفات المعتمدة وفق المعايير الدولية، مراجعة قانون تنظيم قطاع الكهرباء (القانون رقم 462) واقتراح ما قد تراه من ملاحظات تستدعي إجراء تعديلات عليه عند الاقتضاء، ودون أن يحول ذلك، وبطبيعة الحال، من تطبيق القانون بصيغته الراهنة تنفيذاً لما جاء في البند الأول، وإعداد دفتر الشروط اللازم للإعلان عن مناقصة بحسب الأصول وتهدف إلى تحسين الشبكة وإنتاج الطاقة وفقاً للمخطط التوجيهي بأقل كلفة بعد إجراء مراجعة لهذا المخطط عند الاقتضاء…

 

ولكن جدول أعمال مجلس الوزراء الذي سيعقد جلسة له يوم غد الخميس، لا يتضمّن عرض وزير الطاقة لخطة الكهرباء، كما كان يأمل الوزير المعنيّ، مع أنّه قال بشكل واضح «لقد التزمنا بكل التوجيهات التي اتّخذها مجلس الوزراء، وأدرجت الخطة، ورفعت لمقام مجلس الوزراء للبتّ بها سريعاً»… وفق المعلومات، فإنّ الخطة لا تزال تتبنى خيار إنشاء ثلاثة معامل إنتاج، بينها معمل سلعاتا، مع أنّ التعديلات التي يريدها مجلس الوزراء تحدثت عن «مراجعة المخطط التوجيهي عند الاقتضاء»، ذلك لأنّ المخطط التوجيهي يتضمّن معمل سلعاتا.

 

ويتبيّن وفق المعلومات أنّ بقاء معمل سلعاتا ضمن الخطة، يجعلها عرضة للرفض من بعض الوزراء، كما من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي جزم أمام بعض زوّاره أنّ عدم تضمين التعديلات، رفض واضح لمعمل سلعاتا، لا يعني أبداً أن ثمة قطبة مخفية أو صفقة ما، قد تعيد وضع المعمل على طاولة البحث.