Site icon IMLebanon

خطط الكهرباء مكدّسة في الوزارة … “بس ما خلّونا نشتغل”

 

عشيّة مناقشة مجلس الوزراء خطّة وزير الطاقة وليد فياض لتأمين التيّار الكهربائي، كان الأخير يعلن بالفم الملآن أنّه «في حال التزم الجميع بتنفيذ خطة الكهرباء سنصل إلى 8- 10 ساعات من الكهرباء يومياً بحلول الربيع القادم وسنصل أيضاً إلى 16- 18 ساعة تغذية في سنة 2023 وإلى 24/24 ساعة كهرباء بحلول 2025-2026 إذا كان الجميع قد التزم بهذه الخطة».

 

قبل أسابيع، كان همّ وزير الطاقة إنجاز الشروط والترتيبات التقنية كلّها التي تسمح بوصول الكهرباء من الأردن والغاز من مصر، لكي تزيد ساعات التغذية نحو ستّ ساعات يومياً تضاف إلى الساعتين اللتين يؤمّنهما الفيول العراقي. ولكن حتى الآن، لا الكهرباء الأردنية مضمونة، ولو أنّ السلطات الأردنية أعلنت أنّها مستعدّة لضخّ التيار بدءاً من شهر آذار المقبل، ولا الغاز المصري متوفر، طالما أنّ التمويل غير متاح.

 

ولهذا، يحاول وزير الطاقة تأمين سلفة مالية (5250 مليار ليرة أو 270 مليون دولار)، لتأمين التغذية خلال الشهرين المقبلين، بانتظار «فرج ما» قد يأتي عشيّة الانتخابات النيابية، خصوصاً أنّ الوسيط الأميركي أموس هوكشتيان ربط بطريقة أو بأخرى، تأمين استثناءات إدارته لقانون قيصر، بمصير ترسيم الحدود البحرية.

 

لكنّ العديد من الوزراء تصدّوا لفكرة إقرار سلفة جديدة لمؤسسة الكهرباء سيتمّ حرق ملايينها في محرقة الفيول الذي يشكل باباً شرعياً للهدر، ما دفع بوزير الطاقة إلى إلحاق طلبه بعرض خطة لتأمين الكهرباء بحلول العام 2025- 2026، وقد سها عن بال الوزير المعني أنّ اللبنانيين أشبعوا خططاً ومواعيد وهمية تعدهم بالكهرباء بعد سنوات، على قاعدة «إمّا يموت الملك وإمّا يموت الحمار»..

 

وقد حاول وزير الطاقة كما أعلن وزير الإعلام بالوكالة عباس الحلبي، في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء بعد العودة عن الاعتكاف، شرح أسباب الحاجة إلى السلفة مشيراً إلى أنّها «بمثابة دعم مالي في السنة الأولى لتنفيذ خطة إصلاح القطاع بالتوازي مع تنفيذ بنود هذه الخطة الإصلاحية التي تشمل زيادة التغذية، تقليص الهدر في الشبكة، رفع التعرفة بما يسمح بتغطية الجزء الأكبر من الكلفة في مرحلة أولى وبما يقلّص من قيمة فاتورة الكهرباء على المواطنين وكامل الكلفة في مرحلة لاحقة، زيادة الطاقة الإنتاجية بمشاركة القطاع الخاص واعتماد نموذج أكثر كفاءة لقطاع توزيع الطاقة بمشاركة القطاع الخاص أيضاً، والتغييرات التشريعية والتنظيمية». وبعدما وعد وزير الطاقة بتقديم نسخة معرّبة عن خطته، قدم بعض عناوينها الا ان اللافت ان رئيس الحكومة الذي سبق وطالبه بترجمة خطته، كان اول المندفعين باتجاه تسجيل ملاحظات على المشروع لا بل اكثر من ذلك ضرب ميقاتي يده على الطاولة طالبا من فياض عدم رفع صوته في مجلس الوزراء معتبرا ان الخطة المقدمة هي عبارة عن تكرار لكلام ملّه اللبنانيون ولا يهدف الا لشراء الوقت وحرق المصاري. ودعاه الى تعيين هيئة ناظمة وسأله عن الاسباب عدم أخذه بالعرض العراقي والقاضي ببناء معامل مع صفر كلفة.

 

في الواقع، لا داعي ليتكبّد وزير الطاقة عناء إعداد خطة جديدة والعمل على ترجمتها من الانكليزي إلى العربي، وهو العارف أكثر من غيره أنّ في الوزارة مئات الوثائق والدراسات والعديد من الخطط التي يصلح تنفيذها إذا ما توفّرت الإرادة لذلك. فقد سبق لسلفه جبران باسيل أن وضع خطته الشهيرة في العام 2010 وجرى إقرارها في مجلس النواب في العام 2011، كذلك عادت ندى البستاني وقدمت خطة في العام 2019. وكانت النتيجة عتمة 24/24 بحجة «ما خلّونا نشتغل»، فيما كلّف قطاع الطاقة ثلث الدين العام.

 

خطتا 2010 و2019

 

في حزيران 2010 أقرّ مجلس الوزراء في جلسة استثنائية استمرت ثلاث ساعات في السراي الحكومي خطة باسيل لإصلاح قطاع الكهرباء والتي تمتد لخمس سنوات وتعتمد على تمويل من الحكومة والقطاع الخاص والجهات المانحة، بكلفة مقدرة بمليون و200 ألف دولار لإنتاج 700 ميغاواط إضافية عبر إنشاء معمل جديد للطاقة في دير عمار وتحسين شبكات النقل لصيانة معمل الزوق وتركيب مولدات جديدة في معملي الذوق والجية.

 

وقد تبنّاها مجلس النواب في 13 تشرين الأول 2011، وتضمنت شروطاً لم تتحقق حتى الآن، ومن أبرزها: تأمين زيادة إنتاج بقدرة 700 ميغاواط، من خلال إنشاء معمل جديد في دير عمار وتأهيل معملي الجية والذوق، تنفيذ قانون الكهرباء ورقمه 462 وتأليف الهيئة الناظمة خلال ثلاثة أشهر، تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان خلال شهرين، إتمام المناقصات من قبل إدارة المناقصات، وتأمين قروض ميسّرة من صناديق دولية وإقليمية وما شابه.

 

يومها قال باسيل: «كلفة العام 2010 من عجز الكهرباء على الخزينة وعلى الاقتصاد والمواطنين هي 4.4 مليارات دولار. وإذا بقي الوضع على حاله ستصل كلفتنا في العام 2015 إلى 9.5 مليارات دولار، ولكن إذا نفذنا هذه الخطة فإننا سنتمكن في العام 2014 من إلغاء العجز، وستتمكن الدولة اللبنانية في العام 2015 من تحقيق الربح من قطاع الكهرباء».

 

وفي آذار 2019 تقدّمت بستاني بخطتّها التي تقوم على 3 ركائز هي: خفض الهدر الفني وغير الفني وتحسين الجباية، زيادة القدرة الإنتاجية وتحسين فعاليتها وخفض كلفة المحروقات من خلال استخدام الغاز الطبيعي، وزيادة التعرفة.

 

أولاً، زيادة القدرة الإنتاجية من خلال:

 

– إنشاء معامل موقتة ابتداء من العام 2020 لمدة بين ثلاث وخمس سنوات بقدرة 1450 ميغاواطاً يتم تركيبها في أي موقع مناسب وفي شكل سريع وبالتوازي تنشأ معامل دائمة في سلعاتا والزهراني والحريشة.

 

– إخراج المعامل القديمة من الخدمة وتحديداً معامل الذوق والجية والحريشة بداية العام 2020 لاستبدالها.

 

– تأمين الغاز الطبيعي المسال في العام 2021 عبر محطات تخزين وغاز عائمة.

 

– تركيب محطات طاقة شمسية بقدرة 840 ميغاواطاً وطاقة من الرياح بقدرة 600 ميغاواط.

 

ثانياً، خفض الهدر الفني وتحسين الجباية من خلال: العمل بين أعوام 2019 و2026 على تحصيل نحو مليار و200 مليون ليرة من خلال خفض مجمل الهدر من معدل 34 في المئة حالياً إلى ما دون 11 في المئة تقريباً. وتفعيل أعمال الجباية من خلال تحصيل 555 مليار ليرة إضافية، إضافة إلى 444 مليار ليرة لبنانية عبارة عن مستحقات مترتبة على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ومليار و820 مليون ليرة مستحقات الإدارات العامة ومصالح المياه.

 

ثالثاً، رفع التعرفة من خلال: خفض العجز المالي، فمؤسسة كهرباء لبنان ستلجأ إلى زيادة المعدل الوسطي للتعرفة من 138 ليرة لبنانية للكيلواط بالساعة ليصبح بداية العام 2020 نحو 217 ليرة لبنانية.