Site icon IMLebanon

قصة الكهرباء في لبنان … مثل قصة إبريق الزيت!!!

 

 

للذين لا يعرفون أو لا يتذكرون كيف كان وضع الكهرباء في لبنان، أحب أن أذكّر هؤلاء أنه في السبعينات وتحديداً مع بداية عهد الرئيس سليمان فرنجية رحمه الله، أقيمت حفلة في البقاع احتفالاً ببيع كميات من الكهرباء لسوريا، إذ كان عند لبنان فائض في إنتاج الكهرباء خصوصاً بعد عملية بحيرة القرعون.

هذا يعني أنه ومنذ 50 سنة كان اللبنانيون يعيشون في نعمة لم يدركوا أهميتها إلاّ مع بداية الحرب الأهلية عام 1975.

للأسف الشديد، منذ ذلك التاريخ بدأت مشاكل الإنتاج ومشاكل تزويد محطات التوليد بالفيول تظهر بوضوح الى العلن، إلى أن جاء الرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه الله وبنى 4 محطات: محطة بقوة 500 ميغاواط في دير عمار، وأخرى بقوة 500 ميغاواط في الزهراني، و100 ميغاواط في صور، و100 ميغاواط في بعلبك.

ولكن للأسف، وفي بداية عهد الرئيس الحريري وبينما هو مشغول في موضوع الكهرباء، صُدم بإقالة أو استقالة الوزير الآدمي جورج افرام وتعيين إيلي حبيقة مكانه. ومنذ ذلك الحين وإلى يومنا هذا لا يتسلم وزارة الطاقة إلاّ من كان ينتمي الى جهة سياسية واحدة.

أبدأ بالقول إنّ هناك نقمة يومية عند كل مواطن ومسؤول وهي مشكلة الكهرباء من انقطاع دائم الى إعطاء المواطن ساعة أو ساعتين يومياً. وهناك سؤال حقيقي هو… مَن المسؤول؟

ولكي نكون موضوعيين لا بد من قول الحقيقة. فما هي هذه الحقيقة؟

الحقيقة ان المسؤولية الكبرى تقع أولاً على الدولة، وثانياً على الحكومات، وثالثاً بشكل دقيق على وزراء الطاقة، ورابعاً على المواطن وخامساً على إدارة الكهرباء.

قد يتساءل البعض: ما هي مسؤولية المواطن؟ أقول بكل صراحة إنّ هناك ملاحظات حول التعامل الشعبي مع موضوع الجباية والأسعار:

أولاً: هناك مناطق لا تدفع فلساً واحداً، وأظن أن هذا غلط كبير.

ثانياً: هناك إدارات للدولة لا تدفع إلاّ بعد جهد جهيد.

ثالثاً: وهذه قضية حسّاسة جداً، وهي أن التسعيرة ظلّت من دون تغيير لمدّة 20 سنة.. فماذا يعني هذا؟ هذا يعني ان الخسائر التي وصلت الى حدود الـ65 مليار دولار يتحمّل جزءاً كبيراً منها المواطن.

ولكن الأهم في هذا الموضوع هو «الفيول». وقضية الفيول ومنذ اللحظة التي تسلم فيها الوزير «الطفل المعجزة» جبران باسيل أصبحت عملية الإنتاج مثل مغارة علي بابا: «الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود جديد».

رابعاً: قضية معامل الزوق.

جرى تلزيم عقد صيانة لـ «شركة خياط» بالاتفاق مع «الطفل المعجزة» جبران باسيل، ولكن التنفيذ جرى أيام سكرتيرته ندى البستاني، والمصيبة الأولى في العقد أن الشركة الاميركية التي كانت تجري الصيانة وإدارة المعامل استُبعدت وجاءت بدلاً منها شركة هندية اخترعها آل الخياط… وللعلم يُقال إنّ ابن الخياط هرب من العراق بسبب مشاكل مالية بينه وبين الحكومة العراقية.

المصيبة أن الشركة الهندية لا يمكنها أن تدير هذه الآلات. طبعاً من المشاكل في عقد الصيانات الذي تم تلزيمه للشركة أن هناك أموراً فنية كالفلتر وغيره من القطع التي يجب أن تستبدل.

الأنكى، ان هناك 19 ألف طن في الزوق و5 آلاف طن في الجية، والمعملان مقفلان منذ سنتين ونصف فمن المسؤول؟ وأين الدولة؟

بعد أن تحدثنا عن مشاكل وقضايا الكهرباء، لا بدّ من إعطاء بعض التفاؤل للمواطنين:

أولاً: جرى اتفاق مع البنك الدولي Cost recoverg plan بدءاً من بداية عام 2025.

ثانياً: هناك بروتوكول تم بموجبه الدفع للنفط العراقي لقاء خدمات وتعليم حيث تدفع شركة الكهرباء 200 مليون دولار في السنة الأولى، و300 مليون دولار في السنة الثانية.. ملاحظة: الدفع بالليرة اللبنانية.

ثالثاً: أصبح السعر بعد تعديل التعرفة وهي أهم الأسباب الرئيسة لمشكلة الكهرباء 28 سنتاً، وهذا أرخص من مولدات الكهرباء التي تبيع للمواطن بدءاً بـ50 سنتاً وتصل في بعض الأماكن الى دولار.

وهذه النقطة يجب التوقف عندها… وهنا لا بدّ أن نسأل: لو كان سعر الدولة دولاراً وسعر الذين يبيعون الكهرباء بـ28 سنتاً، فماذا سيكون ردّ فعل المواطن؟ أو نعود الى المثل القائل: «جحا منو قوي إلاّ على خالته».

كذلك، فإنّ شركة الكهرباء، وبعد موافقة الحكومة، أصبحت تصدر الفواتير بالليرة اللبنانية وبالدولار، وفتحت حسابين أحدهما باللبناني والثاني بالدولار، وهكذا أصبحت الشركة تسدد بعض الديون المتراكمة عليها، وهذه العملية بدأت في بداية شهر آذار عام 2024.

ودفعت الشركة للصندوق العربي ديوناً متراكمة منذ عام 2020، وإلى فرنسا ديوناً أخرى. وأصبح بإمكانها شراء فيول «SPOT Cargo».

أخيراً، أظن أن الخطوة الإصلاحية الأخيرة حول التعرفة سوف تؤهّل الشركة للعودة الى ممارسة دورها الطبيعي وإعادة التيار الكهربائي بعد 40 سنة معاناة.