IMLebanon

هرطقة ماليّة في قطاع الكهرباء والحكومة تمنح سلف المحروقات من أموال الناس

 

أعلن وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني منذ أيام عن توقيعه على فتح اعتمادات ماليّة لصالح مؤسسة كهرباء لبنان لزوم شحنة «الفيول أويل» المنتظرة، وأضاف أنّه تمّ التوقيع على جميع الاعتمادات الواردة وليس هناك من اعتمادات معلّقة، مع ما يغلّف البيان من غموض.

 

وكانت مؤسسة كهرباء لبنان قد أعلنت عن نفاد سلفة خزينة ٢٠٢٠ بنهاية آذار الجاري من دون تحديد رصيدها، في ظلّ توجّه حكومة تصريف الأعمال نحو وقف الدعم بسبب قرب نفاد احتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة لا سيّما الدولار الأميركي، بعد أن جرت العادة أن يتم تحميل خزينة الدولة المنهوبة كامل ثمن المحروقات وإنفاق إيرادات تعرفة الكهرباء لتغطية الكلفة التشغيلية المرتفعة وغير المبرّرة للمؤسسة.

 

وبهذا الخصوص يُطرح السؤال عمّا إذا كان الاعتماد المالي الذي وقّعه وزير المال متوفراً من سلفة الخزينة لعام ٢٠٢٠. وفي حال الإيجاب يكون السؤال عن مبرّر تأخّر فتح الاعتماد وتكبيد الخزينة غرامات تأخّر تفريغ الشحنات، علماً أن الأموال ستستخدم لتغطية ستّ شحنات من المحروقات، وصلت منها ثلاث شحنات وثلاث أخرى في طريقها إلى لبنان. وإذا لم يكن الاعتماد متوفراً من سلفة عام ٢٠٢٠، فعلى أي أساس تمّ فتحه؟

 

ويبقى السؤال الأهم عن مصدر الأموال الذي سيسدد منه مصرف لبنان ثمن المحروقات المنتظرة، بعد نفاد احتياطيه من العملات والاتجاه نحو رفع الدعم، فيما يتجاوز الهدر أكثر من ثلث الطاقة المنتجة؟ فهل لدى مصرف لبنان مصادر ماليّة مخفيّة، أم ان الأموال ستتوفر ممّا تبقّى من جنى عمر المودعين المحتجزة في المصارف وفي مصرف لبنان؟

 

وهنا يجب الإشارة الى مشروع الموازنة العموميّة للعام ٢٠٢١، حيث تجاوزت السلفة المطلوبة من الدولة لصالح مؤسسة كهرباء لبنان الفي مليار ليرة، علماً أنّه ليس هناك موجودات فائضة لدى الخزينة لإعطاء سلفات خزينة للمحروقات وبآلاف المليارات، ولن تتمكّن المؤسسة من تسديد هذه السلفة كما سابقاتها، الأمر الذي يطرح اشكاليّة قانونيّة سلف الخزينة التي كانت تُعطى لمؤسسة كهرباء لبنان لتسديد ثمن المحروقات وما زالت.

 

ذلك أنّ قانون المحاسبة العمومية في المادة ٢٠٣ منه تُعرّف هذه السلفات على أنّها إمدادات تُعطى من موجودات الخزينة لتغذية صناديق المؤسسات العامة. والمادة ٢٠٤ من القانون تشترط لإعطاء هذه السلف تأكّد وزير المالية من قدرة المؤسسة المستلفة على سدادها وأن تلتزم المؤسسة بلحظ الاعتمادات اللازمة في موازنتها لتسديد هذه السلفات، وان توافق السلطة التشريعيّة على السلفة إذا تجاوزت مهلة تسديدة السّنة.

 

وبالعودة الى مؤسسة كهرباء لبنان، فهي ليست قادرة على تسديد أي من السلفات المعطاة لها، وهي لم ولن تلتزم بلحظ الاعتمادات اللازمة في موازنتها التالية لتسديد هذه السلفات ولم تحدّد أجلاً لتسديدها، في الوقت الذي لا تكتفي فيه بتغطية عجز المحروقات وإنما تطالب إضافة إليه بتسديد عجز موازناتها من كافة مصادره. ويتعدّى الموضوع مخالفة سلف الخزينة للكهرباء القانون الى حدّ التلاعب بسقف السلفة وقيمتها واعتبارها متحرّكة تتغيّر مع تغيّر أسعار النفط عالمياً.

 

في الخلاصة اعتادت الحكومات المتعاقبة على اعطاء سلفات الخزينة للمحروقات خلافاً لقانون المحاسبة العمومية ليستقر عبؤها الفعلي على حساب خزينة الدولة. واليوم نشهد هرطقة جديدة من خلال تمرير سلفة خزينة جديدة لتمويل محروقات كهرباء لبنان في مشروع موازنة عام ٢٠٢١ فيما المؤسسة عاجزة عن تسديد المتوجّبات السابقة، والخزينة مفلسة والدولة عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها. ولا يجوز بتاتاً إعطاء المزيد من السلفات على حساب الخزينة وأموال المودعين المحتجزة في المصارف قبل تفعيل الرقابة والمحاسبة وتحسين الجباية وتعديل التعرفة من ضمن خطّة متكاملة وقابلة للتنفيذ، تحت مغبّة استمرار تغطية سرقة أموال اللبنانيّين.