IMLebanon

الانتخابات الإلكترونية

 

من زمن طويل ونحن نطالب بقيام الحكومة الإلكترونية في لبنان… ولا نكتشف البارود إذ نزعم أن الأمر لا يحتاج إلى كبير جهد، ولا حتى إلى أموال طائلة ليتحقق هذا الحلم الوردي المزمن الذي طالما راوَدَنا الأمل بتحقيقه من زمن الصبا… إلا أن العقود توالت، والزمن تقدم بنا، وما زال الحلم بعيد التحقيق…

 

لماذا؟ ببساطة كلية لأنه مع الحكومة الإلكترونية، بدوائرها كافة، يضيق المجال أمام لصوص الهيكل إلى حد كبير. وهؤلاء الذين اعتادوا أن يثروا على حساب اللبنانيين وهنائهم ولقمة الكرامة في عيشهم (…) سيظلون ينظرون إلى هذا الوطن الصغير المعذّب على أنه تلك البقرة الحلوب، التي لن يفكّوا عنها، ولن يحلّوا عن سماها حتى بعدما جفّ ضرعها وجُرم عظمها وذبل جلدها.

 

واللبنانيون الذين تابعوا العمليات الانتخابية في بلدان العالم المتقدم يؤلمهم أن يكون وطنهم لا يزال على هذا التخلف في الممارسة وليس في أبناء الشعب المجلّين في حقول تكنولوجيا العصر حيث هم منتشرون في مختلف أصقاع المعمورة.

 

في أواخر سبعينات القرن العشرين الماضي كنت مقيماً في لندن، وقُيِّضَ لي أن أشهد العملية الانتخابية التاريخية بامتياز التي أطاحت حزب العمال وأوصلت المحافظين، بزعامة مسز مارغريت تاتشر إلى سدة المسؤولية. ومع أن أربعة عقود ونصف العقد مرت على تلك الانتخابات، فإنها لا تزال ماثلة في ذهني بإعجاب كبير… وكانت النتائج تُعلَن في كل دائرة فور إقفال الصناديق، ليكون المرشحان الأبرزان هناك فيتقدم الخاسر بالتهنئة من الرابح ويتصافحان، فيما يتبادل كل منهما القبلات مع زوجة منافسه لينتهي المشهد الحضاري بقول الذي لم يفز للفائز: لقد خذَلنا الناخبون لأنهم صدّقوا مزاعمكم في الحملة الانتخابية ولكن الأيام ستكشفكم على حقيقتكم…

 

المهم أن العملية الانتخابية واضحة وشفّافة وسريعة.

 

طبعاً، لسنا في وارد المقارنة بيننا وبينهم، بل وبين ما كانوا عليه قبل عقود طويلة… فقط من باب الذكرى استعيد المشهد الآتي: كنتٌ وزوجتي نقف في الصف الطويل جداً الممتد في الشارع الذي يعرض أحد دور السينما فيه فيلم ALIEN العلمي الخرافي الذي شكّل منعطفاً في سينما الفضاء، رغم أن السماء كانت تمطر رذاذاً خفيفاً، لنكتشف أن السيدة ذات الرداء الأزرق/سماوي الواقفة (في الصف) أمامنا، تنتظر دورها لشراء بطاقة الدخول، هي رئيسة الحكومة البريطانية التي لم يمضِ على فوزها الكاسح سوى أيام معدودة، والتي أدى انتصارها إلى ارتفاع الجنيه الاسترليني من أقل من دولار أميركي إلى دولارين!