القيادة تعتبرها ديموقراطيّة وتجربة ناجحة… ومُعارضون يرونها «إنتخابات الشخص»
«الحالة العونية» ظهرت كمعجبين بالعماد ميشال عون وشعاراته منذ العام 1988 ، عندما اصبح رئيساً لحكومة عسكرية منقوصة التمثيل الاسلامي، فزحف مؤيدون لقائد الجيش الى القصر الجمهوري، ليهتف بهم «يا شعب لبنان العظيم»، فيزداد تعلقهم به، وهو الذي بدأ «بحرب التحرير» ضد الوجود العسكري السوري، ثم «بحرب الالغاء» ضد «القوات اللبنانية» كميليشيا، ولم يوفر الحزب «التقدمي الاشتراكي» من حربه.
هذه الحالة، تحوّلت الى «التيار الوطني الحر»، الذي سلّمه مؤسسة العماد عون الى صهره جبران باسيل، ونصّبه رئيساً عليه دون انتخابات، في مخالفة للنظام الداخلي، وادخال التيار في التوريث السياسي كما يؤكد معارضون لهذا النهج اللاديموقراطي، وبقرار العماد عون وارادته، مما احرج العشرات من ناشطي التيار ورموزه القيادية منه الى رصيف الانتظار، او الجلوس على «الكنبة» في المنازل، او محاولة انشاء تيار مرادف يحمل توجهات الجنرال عون ولا يماشيه في اختياره لباسيل، الذي ووفق معارضين له، هيمّن على التيار ووضع القرار في يده وليس في المؤسسات.
هذا التيار، وقد مضى على مأسسته ثماني سنوات، انهى انتخاباته الداخلية لممثلي الاقضية والمهن والبلديات مساء الاحد الماضي، واستخدم «التصويت الالكتروني»، كما طالب للانتخابات النيابية ولم ينفذ ما اقترحه، فجّربه داخل التيار، ولم يعلن النتائج فوريا، بل تأخر اصدارها ببعض الاقضية التي تنتظرها، وفق ما تقول مصادر في التيار، التي سألت مسؤولين فيه عن اسباب التأخير ومبرراته، فكان الجواب تقنياً.
فالانتخابات جرت لاختيار 75 عضوا للمجلس الوطني، وهو السلطة التشريعية في التيار، فتقدم 168 مرشحا على 92 مقعداً، مقسمة على 75 مقعداً لممثلي الاقضية، و4 لممثلي قطاع الشباب، و4 للمهن الحرة، و2 للعمل البلدي، و7 للانتشار، وتقلص العدد من 125 الى 75 في الاقضية، واعلن التيار الوطني الحر النتائج في بعض الاقضية، وتأخر الاعلان في اقضية اخرى، وفق المصادر التي تشير الى ان 11 قضاء فاز المرشحون بالتزكية، و13 قضاء حصل فيها انتخابات، وان نسبة الاقتراع بلغت 83% وفق البيان الرسمي للتيار، في حين يشكك معارضون بهذه النسبة، ويتحدثون عن حوالى 25 %.
وفقد المجلس الوطني، الذي لم ينتخب رئيساً له منذ العام 2008 من صلاحياته، في التعديلات التي جرت على نظامه، اذ بات استشارياً واكثر منه مراقباً ويمثل القاعدة الحزبية، وبقيت له صلاحية التشريع المحدودة، بحيث يجتمع مرة او مرتين سنوياً، ومدته أربع سنوات.
هذه الانتخابات تراها قيادة التيار بانها ديموقراطية، وشهدت تنافسا حاداً في بعض الاقضية، لا سيما للوائح المدعومة من نواب في القضاء، حيث سُجل في قضاء جبيل تنافس بين لائحة يؤيدها النائب سيمون ابي رميا، في مواجهة لائحة مدعومة من القياديين في التيار ناجي حايك ووديع عقل، كذلك حصلت معركة في بيروت الثانية، التي تأخر اعلان النتيجة فيها، في وقت فازت اللائحة في بيروت الاولى بالتزكية.
وجاء تمثيل المرأة في الانتخابات بـ 13 مقعدا ، اي ما يوازي 15% من عدد المقاعد 92، لكن ثمة شوائب حصلت في الانتخابات، كمثل ابلاغ لجنة الاشراف على الانتخابات عدم قبول ترشيحات لمرشحين قبل وقت قصير من اقفال باب الترشيح، كما شكى بعض المرشحين. وعلى الضفة الاخرى، مَن تركوا «التيار الوطني الحر» لم يتابعوا العملية الانتخابية، لانها برأيهم معلبة ومعلومة النتائج مسبقاً، وشبّهها احد الناشطين الاوائل في التيار، بانها «فولكلورية»، وان نتائجها جاءت لتخدم الشخص وهو جبران باسيل، ولم تشهد الانتخابات الحماسة، بل الرتابة ويمكن وصفها بالهجينة، يقول الناشط ، الذي اكد ان هذه الانتخابات لا تثمن عن جوع.
هذا التوصيف لا توافق عليه قيادة التيار، التي تؤكد مصادرها، بانها الانتخابات الحزبية الاولى التي تجري إلكترونيا في لبنان، وان نسبة المشاركة من «التيارين» كانت عالية، وكل من خرج او طرد وفُصل من التيار، لا يحق له تقييم ما جرى من انتخاب ديموقراطي، بحيث صوّت كل منتسب للتيار يحمل بطاقة حزبية عبرها الكترونيا، ودون تدخل من احد، وكل فرد من المكان الذي هو فيه.
ويوم الاحد المقبل ستكون انتخابات ايضا للمجلس الوطني في المرحلة الثانية، لانتخاب ممثلة للمرأة فيه، ثم 6 اعضاء للمجلس السياسي ومجلس التحكيم والرقابة المالية.