IMLebanon

الألعاب الإلكترونية والأطفال

مَن منّا لم يستمتع في طفولته بألعاب الفيديو والكومبيوتر؟ ولكن لدى تخطّيها المعقول واستحواذها على عقول أطفالنا في أيامنا هذه وسيطرتها على تصرّفاتهم، هنا يُدقّ ناقوسُ الخطر.

انتشرت الألعاب الإلكترونية بسرعة هائلة في مجتمعاتنا، فلا يخلو أيّ بيت منها، حتى أصبحت جزءاً لا يتجزّأ من غرفة الطفل وعالمه والهدية الأحبّ الى قلبه حتى إنه يصطحبها معه أينما ذهب. وللإطلاع عن كثب عن إيجابيات الألعاب الإلكترونية وسلبياتها على الأطفال، كان لـ»الجمهورية» لقاءٌ مع طبيب الأمراض النفسيّة، الأستاذ المحاضر في علم النفس في الجامعة اللبنانيّة، الدكتور أنطوان الشرتوني.

الجوانب الإيجابية للألعاب

عن إيجابية هذه الألعاب قال الشرتوني: «لا يمكننا إلغاء الجوانب الإيجابية للألعاب الإلكترونية، فهي تنمّي مهارات الدقة والتركيز عند الطفل، وتملأ وقت فراغه وتنشّط فكره. كذلك هي تنمّي خيال الطفل وتساعده لإيجاد الحلول، والتخطيط والتعامل مع المواقف غير المعتادة والمعقّدة وتعلّمه الصبر وتكرار المحاولات لتحقيق الفَوز والإنتصار».

مخاطر صحية

وتابع الشرتوني «على رغم إيجابيات الألعاب الالكترونية، فإنها تنطوي على مخاطر كثيرة وتنقسم إلى قسمين، مخاطر صحّية ومخاطر نفسيّة وسلوكيّة. فالمخاطر الصحّية تؤثر سلباً في صحة الأطفال. إذ إنّ غالبيتهم يعانون من آلامٍ في الرقبة بسبب وضعية الرأس، ويُصابون بضعف النظر نتيجة تعرِّضهم لمجالات الأشعة الكهرومغناطيسية المنبعثة من الشاشات التي ينظرون اليها لساعاتٍ أثناء ممارستهم اللعب».

وقال إنّ «الأطفال الذين يتمسّكون بألعابهم الإلكترونية، نراهم لا يُشاركون أسرهم في وجبات الغذاء والعشاء، بل يأكلون الأكل السريع وغير الصح ي في أوقاتٍ غير مناسبة للتغذية. وطبعاً ذلك سيخلق مشكلاتٍ صحّية ليس فقط على المدى القريب، بل أيضاً على المدى البعيد، حيث ستظهر حالات البدانة، خصوصاً عند الأطفال الذين يمضون أكثر من أربع ساعات مسمَّرين أمام شاشات الكومبيوتر والأجهزة الذكية».

مخاطر نفسية

وهناك مخاطر نفسية أشار الشرتوني اليها موضحاً أنّ «الجلوس أمام التلفاز والكمبيوتر لا يصنع طفلاً غير إجتماعيّ فحسب، بل يجعل كلّ تفكيره منصبّاً على اللعبة التي يُحاول وبشتّى الطرق الربح فيها. فمن سلبيات الألعاب الإلكترونية أنها تعزّز العنف عند الطفل، بسبب محتوى العنف المتكرّر فيها».

فغالبية الألعاب الإلكترونية تحتوي على مشاهد شتى من قتلٍ ودمارٍ وعنف، يتفاعل معها الطفل ويتأثر بها، وتُغيِّر من تصرّفاته ومن إدراكه لمواجهة المشكلات التي تصادفه، لأنه يحلّها بالعنف».

وكمحلّل نفسي يُشير الى أنّ «الألعاب الإلكترونية تُبعد الأطفال عن الحياة الواقعية، وتؤثر في معدَّلات نومهم، وفي نسبة الإنتباه لديهم، نتيجة استمرارهم بالتركيز فترةً طويلة على اللعبة، كذلك تظهر لديهم عوارض منها ما يُعرف بفَرْط الحركة».

الحلول والبدائل

إلّا أنّ في المقابل هناك حلول يجبُ اللجوء إليها حسب الشرتوني: «الحلول تبدأ من المنزل» يؤكد، ويضيف أنّه «لا بدَّ من أن يحدِّد الوالدان فترة زمنية للّعب بالإتفاق مع طفلهم، مثلاً ساعة واحدة ثلاث مرات أسبوعياً.

كذلك من المهم جداً أن يحاول الأهل التقرّب من الطفل من خلال التحدث معه عن اللعبة التي يحبّها، وإكتشاف سبب تعلّقه بها ومن ثم مشاركته تلك اللعبة لإحياءِ روح الصداقة في داخله من جديد.

كذلك يجب تشجيع الأطفال على إستبدال الألعاب الإلكترونية بألعاب تنمّي الخيال والإدراك، كالمكعبات وممارسة هوايات الرسم والموسيقى والتمارين الرياضية التي تحافظ على رشاقة أجسامهم وتخرج الطاقة الكامنه بداخلهم».

وختم الشرتوني مشدِّداً على «صحة إختيار ماهو مناسب لعمر طفلهم وعقله، وتشجيع الألعاب الجماعية بدلاً من الفردية، ليكون لديه حبّ المجتمع و الأصدقاء بعيداً من العزلة والإكتئاب».