IMLebanon

تنافس حزبي لحفظ ماء الوجه قبل الانتخابات: كهرباء مطمر الناعمة: «الـ 24/24» حلم!

 

 

قبل أكثر من عام، انتهى عقد الشركة التشغيليّة لمعمل توليد الطاقة من الغازات المنبعثة من مطمر الناعمة. منذ ذاك، لم يحرّك أحد ساكناً تجاه إحراق الغازات المنبعثة من المطمر وأضرارها الصحيّة والبيئيّة، وتجاه حرمان سكان المناطق المحيطة من تغذية مجانية تصل إلى 24/24 وُعدوا بها، بموجب قرارٍ من مجلس الوزراء. اليوم، من «حسن حظّ» هؤلاء أن الانتخابات النيابيّة على الأبواب. لذلك، «استفاقت» الأحزاب، ولا سيما التقدمي الاشتراكي، على الضغط على مؤسسة كهرباء لبنان لإعادة تشغيل المعمل بعقد المعمل بعقد مؤقت عبر استخدام قرض البنك الدولي المخصص لتحسين قطاع الكهرباء، قبل أن تقوم مؤسسة كهرباء لبنان باستدراج عروض جديدة لتشغيل المعمل لمدّة 5 سنوات

 

 

«السكافي حافي والحايك عريان». ينطبق هذا المثل على القرى المحيطة بمطمر الناعمة. بعدما تحمّل سكان هذه المنطقة الأضرار الصحيّة والبيئيّة للمطمر طيلة 18 عاماً، لينالوا في النهاية «جائزة» قرارٍ من مجلس الوزراء عام 2015 بحصولهم على تغذية كهربائيّة مجانية على مدار اليوم، ولمدّة تُراوح بين 10 و15 سنة.

 

وفت «الدولة» بوعدها لأقل من عامين، قبل أن ينتهي المشروع مع انتهاء عقد الشركة المشغّلة لمعمل الكهرباء في المطمر في 1 أيلول 2020. منذ ذاك، صارت الغازات المنبعثة من النفايات المطمورة تحت الأرض تُحرق في الهواء مخلّفة انبعاثات سامّة، فيما يرزح سكّان المناطق المجاورة للمطمر تحت وطأة العتمة التي تجتاح كل المناطق.

قبل أن تترك شركة «Clean Energy Solution» المطمر مع انتهاء عقدها، عملت مؤسسة كهرباء لبنان على استدراج عروض، ليفوز بالمناقصة، بعد أيّام من انفجار المرفأ، ائتلاف الشركتين «Mep-Simar» (الأولى لبنانية يملكها كريم تحسين الخياط، والثانية تركية). ولأن الصفقات التي تفوق قيمتها 200 مليون ليرة لبنانيّة تحتاج إلى موافقة وزراتَي المالية والطاقة، توجّه المعنيون في مؤسسة كهرباء لبنان إلى الوزارتين المعنيتين اللتين رفضتا الصفقة لأسباب سياسية تتعلق بمرجعيتي الوزارتين، فبقي معمل الكهرباء متوقّفاً عن العمل.

أكثر من عامٍ من الأخذ والرد قبل أن تعود القضيّة إلى الواجهة على عتبة الاستحقاق. لذلك، ترمي الأحزاب في المنطقة بثقلها لحل هذا الملف. وفي هذا الإطار، أتى الاجتماع الذي عقده رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس مع نائبَي عاليه والشوف أكرم شهيّب وبلال عبدالله لعرض الاقتراحات، على أن يلتقي النائب طلال ارسلان والوزير السابق صالح الغريب رئيس مجلس النواب نبيه بري قريباً للهدف نفسه.

تنفيذ المناقصة التي رست على شركتَي «Mep-Simar» بات مستحيلاً، ليس فقط بسبب صعوبة الحصول على موافقة وزارتَي المالية والطاقة، بل أيضاً لصعوبة فتح مصرف لبنان اعتماداً بقيمة 6 ملايين و661 ألف دولار في ظل الأزمة النقدية. لكن يبدو أن لدى التقدمي خطة بديلة اتفق عليها مع المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك سيعرضها على رئيس الحكومة هذا الأسبوع في انتظار تمويلها من إحدى الدول المانحة. وتقضي الخطة بأن تُشغّل «كهرباء لبنان» المولّدات الـ7 في المطمر بين 20 ألف ساعة تشغيليّة و30 ألف ساعة، أي بين عامين و3 أعوام ونصف عام، مقابل ثلاثة ملايين دولار موزعة على قطع غيار من شركة «Clean Energy Solution» بمليون و500 ألف دولار، وقطع استهلاكيّة تُستخدم خلال فترة التشغيل (زيوت، فلاتر…). إذ أن رئيس مصلحة المعامل المائيّة والطاقة المتجدّدة في «كهرباء لبنان» المهندس فادي بو خزام يؤكد أن هذه الخطّة «ستُكبّد المؤسسة خسائر ماليّة لأنّه لا يمكن التكهّن بالمبالغ التي يُمكن أن تُضاف جراء عمليتَي التأهيل والصيانة أثناء فترة التشغيل، ما يعني إمكان تخطي المبلغ الثلاثة ملايين دولار». فيما يشدّد شهيّب على أنّ هذه الخطّة ستوفّر على خزينة الدولة التي تشتري الكيلواط بـ 14 إلى 15 سنتاً، في حين أن هذه الخطّة ستخفّض السعر إلى ما دون 3.5 سنت.

 

حتى لو أعيد تشغيل المعمل لن تصل التغذية إلى أكثر «من 3 إلى 4 ساعات» يومياً

 

 

أمّا الخطّة الأسرع والتي تجاوب معها ميقاتي، بحسب ما قال شهيّب لـ«الأخبار»، فهي أن يوقع مجلس الإنماء والإعمار عقداً مؤقتاً لـ6 أشهر مع شركة تشغيليّة تقوم بصيانة المطمر وتشغيله باستخدام قرض البنك الدولي المخصّص لإصلاح قطاع الكهرباء وتحسينه. وفي هذا الوقت، يرفض وزير الطاقة العرض القديم من ائتلاف شركتي «Mep – Simar» مع توضيح الأسباب لتقوم مؤسسة كهرباء لبنان بعملية استدراج عروض جديدة لتسليم معمل الكهرباء إلى شركة تشغيليّة لمدة 5 سنوات. وعليه، اتفق ميقاتي مع شهيّب وعبدالله على التشاور مع وزير الطاقة وليد فيّاض فور عودته من الخارج، على أن يعود نائبا الاشتراكي ويلتقيا به وبوزير البيئة ناصر ياسين الأسبوع المقبل لبت هذا الملف من دون الحاجة إلى اجتماع مجلس الوزراء، بل بموافقة رئيسي الجمهورية والحكومة، بالإضافة إلى موافقة وزيري الطاقة والبيئة.

كل ذلك يشير الى ان الأحزاب باتت «محروقة» لحل هذا الملف قبل موعد الانتخابات، ولو بحلول مؤقتة تحفظ ماء الوجه. ويبدو الاشتراكي متفائلاً بحله قريباً. وهذا ما يظهر من موقف فاعليات القرى المجاورة التي تتأثر بمواقف «الإشتراكي». فهي رفضت المشاركة في تحرك تصعيدي دعت إليه فاعليات حارة الناعمة، واكتفت بمنح الحكومة فترة أسبوعين لتشغيل المعمل قبل التحرك، أي انتظار ما ستؤول إليه اجتماعات نواب الإشتراكي. فيما نظّمت بلدية الناعمة – حارة الناعمة وفاعلياتها تحرّكاً شعبياً أمس إلى شركة الكهرباء في المشرف مطالبين باسترداد حقهم في التغذية الكهربائيّة.

ويُطالب أهالي المناطق المجاورة بتطبيق قرار مجلس الوزراء بمنحهم تغذية كهربائيّة مجانيّة 24/24، إلا أن هذا المطلب يبدو صعب المنال لأكثر من سبب. ويوضح بو خزام أنّ معمل الكهرباء مجهّز بقدرة إنتاجية تصل إلى 7 ميغا، لكنّ الغازات المنبعثة غير ثابتة في قدرتها على التوليد التي تصل إلى 6 ميغا خلال فترات الذروة، أي الفترة الأولى للانبعاثات والتي تمتد من 10 إلى 15 سنة وفق دراسة لمجلس الإنماء والإعمار تشير إلى أنّ هذه القدرة تتناقص بمرور الوقت. فيما حاجة القرى المحيطة بالمطمر تتخطّى الـ20 ميغا لتغذية كهربائيّة 24/24، علماً أنّ الضغط السياسي – الطائفي أدى إلى استفادة بعض المناطق غير المشمولة بالقرار بالتغذية الكهربائيّة المجانية كبلدة الدامور، فيما حُرمت منها قرى أُخرى!

كذلك تشكّل الكثافة السكانيّة في بعض البلدات كالناعمة وحارة الناعمة وعرمون صعوبة أمام زيادة التغذية مع ارتفاع الاستهلاك. وبالتالي، لا يتوقع بو خزام أن تصل التغذية إلى أكثر «من 3 إلى 4 ساعات يومياً» في حال تشغيل المعمل، تُضاف إليها ساعات التغذية التي تصل إلى المنطقة، أي ما يُعادل 6 إلى 8 ساعات يومياً. ولفت إلى أن المعمل غير موصول بشكلٍ مباشر بالقرى المتضرّرة، بل يمرّ التيار عبر الشبكة العامّة الموصولة بشركة الكهرباء التي توزّعها بدورها على القرى، بغضّ النظر عمّا إذا كانت «كهرباء لبنان» هي من تشغّل المعمل أو حتى شركة خاصة.