عناصر وحجج وذرائع نشوب الحرب موجودة لكن أطرافها المعنية تتجنَّبها
المنطقة على شفير «الشير» وأي دعسة ناقصة أو زائدة يعني الزلزال
هل يكون الشرق الأوسط أمام الحلول بعد المرور بإمتحان عسكري؟
هل تقع الحرب الأميركية- الإيرانية وتدخل المنطقة في آتون صراعات وحروب، أم أن قرع الطبول التي ارتفع منسوبها بعد الهجمات التي استهدفت منشآت النفط في المملكة العربية السعودية ستنتهي بفتح أبواب الحوار لحل الأزمات المفتوحة في أكثر من مكان؟
ما من شك أن كل عناصر وحجج وذرائع نشوب الحرب موجودة، وإذا كانت هذه الحرب مستبعدة راهناً فلأن الأطراف المعنية بالأزمة تتجنبها وتحاول حصر السجال العسكري في ما بينها بعمليات محدودة ومواقف متشددة. ومن الواضح أن إيران بدأت تصعِّد من لهجة مواقفها لعلمها بأن الولايات المتحدة غير مستعدة للحرب، وقد جاءت تصريحات الرئيس ترامب الأخيرة لتعزز الموقف الإيراني، ولكن الاتكال على هذا المنطق يوجد فيه فجوات لأن القرار الأميركي كما هو ضاهر يكون دائماً ليس قراراً نهائياً، فالقرار قابل للتعديل حسب مقتضيات المصلحة الأميركية دون سواها، وهو ما يدفع إلى القول بأن استمرار التصعيد الكلامي والعسكري من دون تقدّم المفاوضات السياسية، وفي مشروع لقاء القمة المرتقبة بين الرئيسين روحاني وترامب من الممكن أن يبدل في النهج الأميركي الحالي وتقع الحرب حتماً.
الملاحظ أنه في منطقة الخليج فإن واشنطن وتحديداً الرئيس ترامب لم يُحدّد الخط الأحمر، خلافاً لما حصل عندما دخلت العراق إبان حكم صدام حسين الكويت، وكذلك بالنسبة للمنطقة الكردية عندما منعت أميركا تحليق الطيران العراقي فوقها في العام 1994، ويبدو أن أميركا لا تتحدث الآن عن أي خطوط حمر حيال ما يجري في الخليج لتترك حرية تحديده لاحقاً، غير أن ما حدث لشركة «أرامكو» دون أدنى شك هو في المفهوم الجيوسياسي تجاوز للخط الأحمر، لأنه يُعد ضربة للعمق السعودي والعامود الفقري للنفط العالمي.
في تقدير مصادر سياسية متابعة أن الإدارة الأميركية لا تزال في طور التخمين والتحليل دون توجيه الاتهام المباشر لإيران، متوقفة عند قول الرئيس الإيراني بأنه لم يعد بحاجة لنفط الشرق الأوسط وهذا الكلام يعد سابقة أميركية كون أن كل المعطيات التاريخية تقول أن الاهتمام الأميركي بالخليج سببه النفط والغاز.
وتلفت المصادر النظر إلى حصول ظاهرة مهمة من خلال طلب المملكة العربية السعودية بالتفاهم مع الولايات المتحدة وبريطانيا تأليف لجنة من الأمم المتحدة للمشاركة في التحقيقات المتعلقة بالهجوم، وهذه الخطوة لها أبعاد هامة جداً. البُعد الأوّل وهو الحد الأدنى أن يصدر عن مجلس الأمن بيان يدين إيران، والحد الأقصى هو أن تتمكن واشنطن والحلف الأطلسي من الحصول على تكليف أممي للقيام بعملية عسكرية ضد إيران، بمعنى أن تكون الضربة لطهران ليست أحادية من جانب أميركا فقط.
وإذ ترى المصادر أن الموقف الأميركي تصعيدي حتى الآن، فإنها تسأل هل أن الرئيس ترامب يُقرّر الضربة، ثم يقول ألغيتها قبل 10 دقائق من حصولها على غرار ما حصل عندما أسقطت إيران الطائرة المسيَّرة الأميركية؟ مشيرة إلى أنه من الواضح حتى الساعة أن الرئيس ترامب لا يريد أن يخسر فرصة انعقاد القمة الأميركية- الإيرانية مع العلم أن المرشد الإيراني الامام علي الخامنئي أعلن بشكل واضح أمس أن لا مفاوضات ثنائية أو غير ذلك بين إيران وأميركا وهو ما يقطع الطريق على إمكانية لقاء الرجلين على هامش اجتماعات الأمم المتحدة هذا الشهر.
وفي تقدير المصادر أن ترامب ليس في وارد أن يقوم بأي عمل عسكري خارجي يؤثر على تقدمه الحالي في سباقه إلى ولاية ثانية لرئاسة الجمهورية، ولكن في المقابل فإن سكوت أميركا عن الاعتداء الذي تعرضت له السعودية سيؤثر على مصداقيتها تجاه حلفائها وستدفع في المقابل دول الخليج لتعزيز علاقاتها مع أوروبا وروسيا والصين على حساب العلاقة مع واشنطن.
ومهما يكن فإن المصادر ترى أن الحسابات التي حكمت القيام بضرب العمق السعودي النفطي تبقى على شفير «الشير» وهذه خطرة جداً، لأن أي دعسة ناقصة أو خطوة زائدة تؤدي إلى مواجهة، وفي الشرق الأوسط تعودنا تاريخياً أنه مع كل حل نمر بامتحان عسكري.
وفي تقدير المصادر فإن لبنان لن يكون في منأى عن أي تطوّر يحصل في المنطقة وهو ربما يكون في قلب أي صراع دولي يحصل بفعل التركيبة التي تحكم واقعه السياسي والجغرافي وهو ما يتطلب الكثير من الوعي اللبناني في مقاربة أي تطوّر يحصل والعمل على قاعدة عند صراع الدول إحفظ رأسك.