في حين بدأ اللبنانيون ينغمسون في نشاطات الانتخابات النيابية التي اصبحت على الابواب،
وفي حين ينصرف رئيس الحكومة سعد الحريري الى تهيئة الأجواء الايجابية للذهاب الى لقاء باريس -4 بمئات الملفات التي تتضمن مشاريع تنموية تتعلق بالبنى التحتية المتهالكة او المنعدمة،
وفي حين ترزح السلطة القائمة، تحت عدد كبير من المشكلات الدستورية، والاجتماعية، والاقتصادية، والمالية المأزومة، يفاجأ اللبنانيون بضخّ اعلامي غربي وعربي، بالغ الاهمية، بحيث تصبح مشكلات لبنان الكثيرة، على أهميتها، لا تقارن، ولا تقارب الاخبار المقلقة التي تتحدث عن عوامل عديدة تدور في لبنان والمنطقة، وتهدد بنشوب حرب في الشرق الاوسط، يكون لبنان ساحتها الرئيسة، حيث تكتمل شيئاً فشيئاً عناصر نشوب هذه الحرب التي قد تبدأها اسرائيل، انطلاقاً، امّا من جنوب لبنان، او من الجولان السوري المحتلّ.
ما يثير الاستغراب، ان هذه الاخبار، تأتي في شكل محدد، من إعلام دول، تعلن تمسكها باستقـرار لبنان وأمنه، ومعظمها قد يشارك في باريس -4 – في حال انعقد – كما ان هذه الدول تؤكد على وجوب ان يلتزم لبنان بالموعد الدستوري المحدد لاجراء الانتخابات النيابية، ولكن هذه المواقف الايجابية لا تحول دون تحذير الدول رعاياها من السفر الى لبنان، «بسبب الاوضاع الامنية غير المستقرة»، وعلى الـرغم من ان هذه الدعوات تتجدد في شكل روتيني سنوياً، الاّ ان تزامنها مع احداث تثير القلق، يعطيها نوعاً من الصدقية الاستثنائية.
* * * *
الاوضاع غير المستقرّة، التي تدفع هذه الدول الى الحذر، هي كالآتي وفق أهميتها في امكانية اشعال حرب، كأن تبدأ اسرائيل فـي بناء جدار على الحدود مع الكيان الاسرائيلي، وفي المناطق التي تحفّظ لبنان عنها، عند وضـع الخط الازرق، لأن لبنان الرسمي يرفض بناء هذا الجدار، ومن المتوقع ان يتعامل معه بالنار، اذا اصرّت اسرائيل على بنائه، وليس مستبعداً ان يشتبك حزب الله مع اسرائيل لهذا السبب، خصوصاً ان الصحافة الغربية اشارت الى ان النظام السوري، وحليفه حزب الله، ينويان فتح جبهة الجولان ضد المعارضة السورية المسلّحة التي تحتلّ جـزءاً من الارض، وسيمتد الاشتباك، وفق هذه الصحافة، الـى داخل الجولان المحتل، والغارات الاسرائيلية مؤخراً استهدفت هذه المناطق.
ومن الاسباب التي تنشرها الصحافة الغربية المؤيدة للكيان الاسرائيلي، عن أسباب التوتر على حدود لبنان الجنوبية والتي تعتبر انها تصبّ في طاحونة نشوب حرب، فهي اعتراف الولايات المتحدة الاميركية بالقدس، عاصمة ابدية لدولة اسرائيل، وعزم السلطة الفلسطينية على سحب اعترافها بإسرائيل، وتنسيق المواجهة ضد اسرائيل بين حركة حماس، والمنظمات الاخرى، مع حزب الله، وتشديد العقوبات الأميركية على حزب الله، وتصريح الرئيس الاميركي دونالد ترامب انه لا يرغب بنشوب حرب في الشرق الاوسط، لكنه يتفهم موقف اسرائيل بحماية حدودها وشعبها.
ممّا لا شك فيه ان جميع هذه العوامل والعناصر المقلقة، تعتبر ارضاً خصبة لقيام اسرائيل بعدوان على لبنان او على سوريا، سوف يمتدّ حتماً الى العراق وايران وربما الاردن، بما يؤدي الى فتح باب تقسيم بعض الدول العربية.