باكراً وضبت حقائبك وجمعت حصاد عمرك والذكريات، وغادرت دون ان تلتفت يمنة او يسرة او الى الوراء. لم تقل وداعاً. بل استفقت بعد اغفاءة قسرية لايام خلت، القيت اثناءها نظرات عجلى تخالطها العبرات على احبة واصدقاء توافدوا للسلام عليك والاطمئنان عنك. كانت عيناك تجتهدان في التعبير عما عجز عنه اللسان.
ايها البقاعي المبحر في انبساطة السهل، الفادي بين الدوالي الزحلية، المتكئ على ضفاف البردوني، الخاشع في حضرة سيدة النجاة.
غدر بك القدر وخانك الحظ قبل القلب وفتك بك الجحود قبل المرض، فقررت الانطلاق الى مكان افضل تجد فيه الوفاء والعزاء.
ايلي بيك، انت الزعيم المتوّج على زحلة المتحدر من سلالة متوجين، عروشهم قلوب الناس، ومسرحك البقاع كل البقاع.
برحيلك انتزع الموت – والموت نقّاد لا يتخير سوى الجياد – ايقونة جميلة ثمينة من زحلة الباكية على غيابك، ايقونة تختصر الاصالة والايمان المتجذرين في ارضها المعطاء.
ويا صديقي الاحب،
الموت حق وهو قدر الانسان، ولا بد لدفعه، لكن هناك احياء اموات غائب ذكرهم وهناك اموات احياء لا يغيب ذكرهم ولا ينحسر حضورهم وانت منهم في الطليعة. وانا لن اقول لك وداعا، لانني لن اغيب عن زحلة وانت باق في ضميرها ابدا.