تأخر الاعلان عن اقصاء نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب من “التيار الوطني الحر”. القرار متخذ منذ فترة، والطلاق حاصل بينه وبين رئيس التيار جبران باسيل منذ زمن، الا ان جملة معطيات كانت تؤخر اعلان احد الطرفين ان الفراق تمّ.
صحيح ان اي بيان رسمي لم يسرّب الى الاعلام بخصوص اقصاء بو صعب، وان الاخير لم يخرج بأي موقف بهذا الخصوص، ولعل الموقف الوحيد المعلن ما قاله باختصار نائب رئيس التيار ناجي حايك عن ان بو صعب اصبح خارج “الوطني الحر”.
ويبدو ان الطرفين قررا طي هذه الصفحة بأقل الاضرار الممكنة، بحيث تجنب باسيل تسريب بيان الاقالة، كما تفادى بو صعب الرد على اسئلة الصحافيين المرتبطة بهذا الملف حتى الساعة.
وبالرغم من كل ما يُساق، الا ان ما بات محسوما ان كل الاجراءات والتدابير التي يتخذها باسيل بخصوص الوضع الداخلي الحزبي تقوّي موقعه ولا تضعفه، خاصة ان اكثر من اختبار مرّ على العونيين في هذا المجال، واثبت ان الخارجين من عباءة التيار يصبحون غير محصنين شعبيا، حتى ولو كان هناك من يحبهم ويؤيدهم، اذ اظهرت الاكثرية الساحقة من القاعدة العونية انها تنصاع تماما لقرارات القيادة ولا تجادل فيها، وان كان لا يزال لديها بعض علامات الاستفهام بخصوص بعض الآداء.
وقد أقصيت من التيار شخصيات عديدة بارزة من المؤسسين، والتي تتمتع بشعبية اكثر من بو صعب، ولم يؤد ذلك لأي تضعضع راهن عليه كثيرون في صفوف العونيين، وهو ما جعل باسيل يتشدد اكثر فأكثر مع مرور الايام بالتعاطي مع بعض حالات التمرد.
وتقول مصادر عونية ان “اقصاء حكمت ديب وماريو عون وزياد أسود مر مرور الكرام وكذلك ستكون الحال اليوم مع اقصاء بو صعب”، مشددة على ان “هناك قواعد للعمل الحزبي يفترض الالتزام بها، والا باتت اي شخصية مهما كان موقعها خارجه”، مضيفة: “هذا ما يحصل على صعيد كل الاحزاب في الخارج والداخل، ولكن هناك من يهوى التصويب على التيار دائما ظنا انه من خلال هذه الحرتقات يضعف موقعه، الا ان الاحداث والتجارب تؤكد العكس، خاصة واننا دخلنا اليوم مسارا جديدا من النهوض”.
وتتهم القيادة العونية باسيل بأنه بات أقرب لتنفيذ اجندة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الخصم اللدود للتيار من تنفيذ الاجندة العونية، كما بمحاولته خلق حيثية خاصة له خارج الاطار الحزبي ومن دون العودة الى القيادة، وبخاصة بعد توكيله من قبل رئيس الجمهورية السابق ميشال عون بالتفاوض مع الاميركيين بخصوص ملف الحدود البحرية. وتنامت الخلافات والشرخ بين بو صعب وباسيل على خلفية عدم سير الاول بخيار الاخير الرئاسي، وتصويته عكس القرار الحزبي في جلسات الانتخاب المتلاحقة.
وليس خافيا ان باسيل ومن خلال تسريب خبر اقصاء بو صعب، وجه رسالة جديدة حاسمة لكل النواب المتمردين داخل التيار، ومن يعرفون بالـ ٥ الذين لم يحبذوا التقاطع على اسم جهاد ازعور، وهم الى جانب بو صعب آلان عون وابراهيم كنعان وسيمون ابي رميا وأسعد درغام. ويبدو ان هؤلاء يعيدون حساباتهم جيدا، والارجح انهم سيسعون لاحتواء الخلاف مع باسيل قدر المستطاع، لان الخروج من التيار سيعني الخروج من النيابة، وهو ما سيواجهه بو صعب الذي قد يكون من الصعب جدا عليه استعادة مقعده النيابي.