مزارع شبعا تغيب عن “الأفكار الأميركيّة ” بمرحلتها الأولى
فيما كانت كل انظار الداخل اللبناني مشدودة الى ما قد يرشح عن لقاء نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب بالموفد الاميركي الوسيط اموس هوكشتاين، شهدت روما امس اجتماعا بين الطرفين بقيت اجواؤه غامضة حتى الساعة، وبقي معه بوصعب بعيدا عن الاعلام، وحتى عن الرد على الاتصالات الصحافية التي انهالت عليه، تماما كما فعل منذ لحظة دخوله على خط التفاوض بالترسيم البحري، حيث اصر على التكتم الى حين اتمام “انجاز الترسيم”.
لكن مصادر متابعة للمفاوضات التي يجريها هوكشتاين كشفت لـ “الديار” ان الضيف الاميركي سيبدأ زيارته الى بيروت يوم الخميس، على ان يلتقي خلالها المسؤولين المعنيين، وفي مقدمهم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، في زيارة يبدو انه يحمل خلالها جملة أفكار لما تعمل عليه الولايات المتحدة من خطة للحل لحظة وقف العدوان على غزة، علما ان لقاء سيجمع اليوم بوصعب ببري يضعه في خلاله بجو لقاء روما.
هذا التواصل بين بوصعب “الوسيط الديبلوماسي اللبناني” مع نظيره الوسيط الاميركي عبر لقاء روما، لم يكن الاول بين الطرفين، اذ ان قناة التواصل بقيت مفتوحة على مدى الاسابيع السابقة، من دون ان يُعرف ماذا يُطبخ في كواليس هذه الاتصالات.
وفيما تكتم بوصعب حول مضمون اللقاء ولم ترشح اي معطيات عنه، تقاطعت المعلومات على ان هوكشتاين وضع بوصعب في لقاء روما الشهير بجو الافكار التي سيحملها معه في الساعات ال24 المقبلة وتحديدا الخميس الى بيروت، وهو بات على علم تماما بموقف لبنان الداعي لوقف الحرب على غزة، كشرط اساس قبل الحديث عن اي حل ديبلوماسي يشمل تأمين الاستقرار على الجبهة الجنوبية، لكن يبدو ان الاجواء توحي بان “اسرائيل” العائد منها هوكشتاين متعنتة تجاه التصعيد وعدم وقف الحرب راهنا، حتى ان نتانياهو يصر على اكمال الحرب لاشهر، فيما الولايات المتحدة باتت مقتنعة بوجوب عدم توسيع رقعة الحرب، ما اوحى وكأن الاجواء ليست وردية.
وفي المعلومات، ان اميركا تعمل على خطة تكون جاهزة للتنفيذ في مرحلة ما بعد وقف الحرب على غزة، اما في مضمون المقترح الذي يحكى عنه لحظة وقف الحرب على غزة، فلا تبديل كبير بالمقترح الاميركي، فعلى الرغم من خروج اصوات لبنانية تؤكد ان اي حل عليه ان يشمل مزارع شبعا ، ولم يكن آخرها كلام وزير الخارجية عبدالله بوحبيب امس، اذ قال “ان مزارع شبعا ركن اساسي في الحل الشامل” ، كما ميقاتي الذي كان قد اعلن “نعمل على حل ديبلوماسي قد يكون تطبيقه مرتبطا بالحل بغزة”، مضيفا “ان المطلوب اعادة احياء اتفاق الهدنة وتطبيقه، واعادة الوضع في الجنوب الى ما كان قبل العام 1967 ، واعادة مزارع شبعا التي كانت تحت السياحة اللبنانية، والعودة الى خط الانسحاب السابق بموجب اتفاق الهدنة.
الا ان المعلومات تؤكد ان أفكار هوكشتاين لا تشمل بالمرحلة الاولى مزارع شبعا ، وهي قائمة على العمل على حل النقاط العالقة عند الخط الازرق من نقطة ال B1 الى المزارع، مع تحييد هذه المزارع التي لا تزال خاضغة لجدل حول هويتها ، لا سيما ان سوريا كانت قد ابلغت ان مزارع شبعا سورية، وبالتالي لا شيء رسميا يؤكد هوية هذه المزارع ما دامت المشكلة قائمة بين لبنان وسوريا.
وعليه، يقوم ما يحكى به في الكواليس الاميركية على ابقاء مزارع شبعا “الخلافية ” بعهدة الامم المتحدة راهنا، ما يعني عمليا ان يبقى وضع المزارع لسنوات بعهدة الامم المتحدة، الى ان يأتي موعد الترسيم الدولي. ومن هنا حتى ذاك التاريخ تكون “اسرائيل” كما لبنان قد خففا من الخطر الاستراتيجي المتبادل عند هذه المنطقة. وتفيد المعلومات بان هذه النقطة، اي معالجة وضع مزارع شبعا، ستشكل نقطة خلافية. علما ان لبنان وبحسب المعلومات ابلغ الاميركيين كما الاوروبيين انه في حال قبلت “اسرائيل” معالجة وضع مزارع شبعا، فهو سيكون معنيا بحلها مع الجانب السوري.
والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا عن موقف حزب الله المعني الاول بهذا الموضوع كما “حركة امل”، تجاه ما يطرحه الجانب الاميركي؟ تجيب مصادر في الثنائي الشيعي: قبل اي كلام فليتوقف العدوان على غزة، و “بعدا منحكي”، وتستطرد المصادر لتقول : المطالب اللبنانية واضحة، وهي استكمال الترسيم البحري، وتثبيت النقاط العالقة بالترسيم البري، ولن نتخلى عن حبة تراب من ارضنا ، فلننتظر اللقاء مع هوكشتاين لنبني على الشيء مقتضاه.
وفي السياق نفسه، علقت اوساط مطلعة على جو حزب الله بالقول : “لم نسمع بعد من هوكشتاين اي طرح، ولم نعرف بعد ماهية الافكار التي يحملها، لكن اذا كنا امام فرصة لتحرير مزارع شبعا والغجر والنقاط العالقة، فنجن منفتحون على النقاش، لكن لا كلمة قبل وقف العدوان على غزة”.
وعما اذا كانت بدأت فعلا الديبلوماسية تتغلب على لغة النار والمعارك، وعما اذا باتت التسوية الاقليمية على الابواب؟ يجيب مصدر في 8 آذار : “بكير بعد” ، واضح ان “الاسرائيلي مكمّل” بالقتل والدمار، ولا آفاق واضحة لتوقيت انهاء الحرب على غزة.
ويختم المصدر بالقول : السباق محموم بين لغة الديبلوماسية واصوات النار والمعارك ، فلا شك ان الولايات المتحدة باتت تتخوف اكثر فاكثر من توسيع رقعة الحرب التي باتت تشكل ضغطا عليها ، من هنا بدأت حركة الموفدين الدوليين باتجاه بيروت حاملين رسائل تحذريية ، ومعهم “اغراءات حدودية برية”، لكن شيئا لن ينفع قبل وقف الحرب على غزة، والايجابية ان الحديث بدأ ولو انه لا يزال يدور باطار الافكار الاولية حول خطة الحل ما بعد الحرب على غزة!