من بين المشاكل الكبيرة التي قال نائب رئيس المجلس النيابي الياس ابي صعب بالامس بعد اجتماع مكتب المجلس النيابي، إنها تعيق الانتخابات البلدية، «هي انتخاب مجلس بلدية بيروت في الوضع الراهن، وهذا يجب أن لا نستخف به، ويجب أن نجد له حلا وعلاجا له، وهذا يتم بالتوافق السياسي».
الكل يعرف ان مشكلة المجلس البلدي لمدينة بيروت معقدة، وتتجاوز ما طرحه ابو صعب، عن قصد او سهوا، وهي ليست محصورة في قانون الانتخابات البلدية، الذي لا يحدد توزيع المقاعد على الطوائف والمذاهب، مايتيح انتخاب مجلس بلدية يطغى عليه اكثرية من هذه الطائفة او تلك، في ظل غياب التوافق السياسي المسبق، وهو غير متوافر حاليا، وقد يكون متعذرا مستقبلا، في غمرة الانقسام السياسي وغياب المرجعيات السياسية المؤثرة، بل تشمل بشكل اساسي مشكلة صلاحيات محافظ العاصمة، الذي يتولى السلطة التنفيذيه في بلدية بيروت، خلافا لباقي بلديات لبنان التي يتولى فيها رئيس المجلس البلدي لكل بلدية السلطة التنفيذية، ما جعل العاصمة استثناء عن كل بلديات لبنان، واثار باستمرار خلافات وتباينات بين المحافظ ورئيس البلدية، وعرَّضت قرارات المجلس البلدي للتعطيل مرارا، وتسيير شؤون ومشاريع العاصمة، يتحكم بها مسار العلاقة التي تحكم بين الطرفين.
واكبر دليل على الخلل في صلاحيات محافظ العاصمة، الشلل الذي يصيب عمل بلدية بيروت في الوقت الحاضر، وتردي الخدمات فيها، وغياب المشاريع المطلوبة لتطوير مرافقها الاساسية، بل أكثر من ذلك الاهمال المتعمد وحال الفوضى الشاملة، إن كان في تغييب الحد الادنى من تنظيم السير وترك وحوش الدراجات النارية، يهددون امن المارة وسلامتهم، بعيدا عن أي ملاحقة او ضوابط بالحد الادنى، حتى بات بعض الشوارع المهمة، يشبه مناطق الضواحي المهملة في دول العالم الثالث.
كان على نائب رئيس مجلس النواب، ان يطرح مشكلة انتخاب مجلس بلدية بيروت بشقَّيها، لا ان يختار تركيبة المجلس البلدي، في قانون الانتخابات البلدية الحالي، بمعزل عن التصويب على مشكلة صلاحيات المحافظ الحالية، لانه يؤجج المشكلة ويدفعها الى بازار الخلافات السياسية والطائفية، التي حذر منها، والا ستطغى الخلافات على اي طرح جزئي للمشكلة ونبقى ندور في الحلقه المفرغة ذاتها، والامور على حالها، وبالنتيجة ينعكس الضرر والتداعيات السلبية على الوضع العام في العاصمة، كما هي حالها المزرية اليوم.
يخشى ان يكون طرح أبي صعب لتصوير وضعية المجلس البلدي لبيروت بالمشكلة الكبيرة، وتجاهل سلبيات صلاحيات محافظ المدينة، محاولة لاعادة احياء صيغة تقسيم مدينة بيروت التي طرحها بعض نواب العاصمة المسيحيين سابقا، والتي اثارت تشنجات ورفضا من فعاليات بيروت، والعديد من السياسيين اللبنانيين، خشية ان تكون خطوة تشجع دعاة تقسيم ابعد من دوائر العاصمة، وهي قد تتجدد حاليا اذا لم يكن اي طرح، لا يراعي المشكلة من كل جوانبها، تمهيدا للوصول إلى حل يرضي جميع مكونات العاصمة، و لا يفجر مشكلة طائفية اومذهبية، الكل في غنى عنها.