فترة صعبة من التغطيات قبل الوصول إلى برّ الأمان
فجأة ومن دون سابق إنذار تحرك الداخل رئاسيا. لا يمكن تعميم هذا الداخل إنما قسم منه والمقصود بذلك المسعى الذي سجل مؤخرا من نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب من دون أن تكون هناك مبادرة محددة. تزامنا جال السفير السعودي وليد البخاري على القيادات اللبنانية وتظهرت المواقف أكثر فأكثر لكن هوية الرئيس المقبل بقيت مجهولة، في حين كرر السفير الباخري أهمية إتمام الإستحقاق الرئاسي وعدم تدخل بلاده في الشأن الداخلي ولاسيما في هذا الإستحقاق.
لم يحن الوقت للدخول في عملية العد قبل حلول الانتخابات الرئاسية، لكن في الوقت نفسه لا يمكن القول أن تطورا ما قد تحقق، فالمسألة لا تزال في إطار التداول في العناوين والرؤى المختلفة للقوى السياسية.وقد جاءت المواقف الأخيرة لتعكس هذا الأمر، على ان فورة اللقاءات أو التصريحات لا تدل على طبخة رئاسية وربما قد تمهد لهذه الطبخة في وقت لاحق.
جولة بخاري تأكيد على إنهاء الشغور والقرار الأخير للأطراف اللبنانية
ثمة من يرى أن ما يجري هو ردة فعل رافضة لمرشح الثنائي الشيعي رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية، في حين أن ثمة من يرى أن الموضوع يتصل بأهمية تزخيم حركة اللاعبين المحليين في الملف الرئاسي باعتبار أن الجهد الداخلي الجاد كان غائبا في حين قام التعويل على الخارج الذي ابقى على مسافة من جميع المرشحين باستثناء الدعم المخفي لفرنسا لرئيس المردة. وما سمعه السفير السعودي عزز انطباع رفض المعارضة لمرشح الممانعة كائنا من كان فضلا عن الاعتراض على التسوية.
ووسط كل ذلك، ماذا عن تحرك بو صعب والقواسم المشتركة؟.
يتردد اسم بو صعب في مهمات سياسية وغير سياسية وسواء أسندت إليه مهمة أو بمبادرة شخصية منه كما جرى مؤخرا. في ملف الترسيم دخل على الخط وقبل ذلك في ملفات رئيسية من الأمن إلى الحكومة إلى ترتيب علاقات وصفت بالمتوترة.
وتقول مصادر سياسية مطلعة عبر اللواء أنه ليس بالضرورة أن تشكل مساعي بو صعب مخرجا للأزمة الرئاسية إلا أنها «ميني» مبادرة لإعادة الوصل بين الأفرقاء السياسيين. ومن دون ورقة مكتوبة او لوائح أسماء أو حتى طروحات محددة، فلا تزال جولاته في البداية ويستكملها مع سياسيين وفق أجندة محددة، مشيرة إلى أن مسألة تقريب المسافات بين مختلف الأفرقاء دونها عقبات أبرزها رفض المعارضة لمرشح قوى الثامن من آذار والنصاب ورفض فريق الممانعة لمرشح تحدٍّ.
وترى المصادر نفسها أن ما من خسارة في هذا التحرك كما لا يمكن إدراجه في إطار تقطيع الوقت لأن بو صعب يبادر بالشخصي وليس في المسألة ما قد يؤثر على علاقاته مع القيادات، فمن ايد حواره ومنحه فرصة لن يجد نفسه في موقع خاطىء ومن لم يكترث للأمر مضى في حال سبيله، مشددة على أن الملف الرئاسي بالشكل الحالي عالق على مجموعة مقاربات متباينة لا يمكن أن تكون «سلسلة» في القريب العاجل، وهذا يؤشر إلى إطالة أمد الشغور الرئاسي.
وتعرب عن اعتقادها أن ما من مبادرات جديدة في الأفق ووحده نائب رئيس مجلس النواب يتواصل مع الكتل النيابية تمهيدا للوصول إلى قواسم مشتركة، قواسم لا يبدو أنها ستبصر النور. ومعلوم أن مصير المبادرات الفردية لا يكتب له النجاح ما لم يرفد بدعم قوي، لافتة إلى أن عملية الإنتظار ستطول مرة جديدة، وقد تقوم مساعٍ جديدة أو تحرك آخر إنما من دون نتيجة مفصلية.
يبدو أن امام الملف الرئاسي فترة طويلة من التقلبات قبل أن تصبح الصورة واضحة، والى حين ذلك فإن لقاءات واجتماعات تعقد ليست إلا في سياق تمرير الوقت.