لم يخرج احد الرئىس سعد الحريري من رئاسة الحكومة بل هو اخرج نفسه منها ومن التسوية الرئاسية وقد تأخر عامين بعد ان قدم استقالته منها في الرياض، بعد استدعائه اليها والطلب منه تقديمها بطلب من ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في 4 تشرين الثاني 2017 وتزامنت استقالته مع حملة اعتقالات واقالات طالت افرادا من العائلة الحاكمة، احتجزوا في فندق «الريتز» في العاصمة السعودية، وقد نجحت الاتصالات الدولية، لا سيما الفرنسية، والتضامن اللبناني مع الرئىس الحريري، لا سيما من رئىس الجمهورية العماد ميشال عون، في إطلاق سراحه بعد حوالى عشرين يوما.
فقرار الحريري مغادرة السراي التي كانت التظاهرات الشعبية تطوقها مع انطلاق «الحراك الشعبي» في 17 تشرين الاول من العام الماضي، جاء مع مفعول رجعي وهو ارضاء السعودية وولي عهدها، بنسف التسوية الرئاسية، التي صاغها الحريري مع الرئيس عون، ولم تلب الاهداف التي كانت متوقعة منها، بحسب مصدر سياسي متابع لهذا الملف اذ جاءت النتائج، لمصلحة «حزب الله« الذي اصر على العماد عون رئىسا للجمهورية، وان الحريري لم يتمكن من تقليص نفوذ «حزب الله» في السلطة، فبدأت التقارير ضده من داخل تياره السياسي وحلفائه في 14 آذار وتحديدا «الصقور» منهم الذين كانوا ضد التسوية الرئاسية، كالرئىس فؤاد السنيورة وفارس سعيد ورضوان السيد واخرين ولم تكن «القوات اللبنانية» خارج التحريض على الحريري كما اعلن مستشاره النائب السابق غطاس خوري.
فعودة الحريري الى رئاسة الحكومة مستبعدة وفق المصدر خلال العامين المتبقيين من عهد الرئيس عون، وإن طرحت عليه فبشروطه التي يحددها بعدم التعاون مع رئىس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل ومشاركة «حزب الله» في الحكومة، وهما شرطان مرفوضان من الطرفين، اللذين سبق وحاول الحريري استبعادهما بعد استقالته الاخيرة لكنه لم يفلح.
وان ما اعلنه نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي الاسبوع الماضي، من بيت الوسط بعد لقائه الرئىس الحريري من ان الضرورة تفرض ان يكون في رئاسة الحكومة، اعطي كلامه تفسيرات عديدة من ان الفرزلي بترويجه لعودة الحريري هي دعوة لاستقالة الحكومة الحالية وهو ما ينفيه الفرزلي لـ «الديار» ويؤكد انه لم يدعُ الى تغيير الحكومة او تطييرها بل هو صاحب شعار تحقيق الميثاقية»، وان لا يغيب مكون لبناني يمثل في طائفته عن السلطة، وفق مقتضيات الدستور ومقدمته، فكما لا نقبل ان يكون الصوت المسيحي في الانتخابات مسلوباً، هو ما لا نقبله لكل شريحة طائفية او سياسية في المجتمع اللبناني.
فموضوع تغيير الحكومة ليس مطروحاً، ولا الفرزلي قدم مبادرة بهذا الشأن، بل كل ما اعلنه، هو جمع اللبنانيين ووحدتهم على المخاطر التي تتهددهم، وتحديداً في المسألة الاقتصادية ـ المالية ـ الاجتماعية، ويوضح الفرزلي أنه لم يدافع عن المصارف، كما روّج بعض من يسمون انفسهم يساريين من التروتكسيين والماركسيين، الذين شنوا حملة على الفرزلي الذي رد عليهم بأنهم لم يفهموا كلامه، بل هو دافع عن المودعين وليس عن المصارف، ودعا الى تنظيم القطاع المصرفي، فهو الى جانب الناس واوجاعهم والوضع المأسوي الذي وصلوا اليه فقراً وجوعاً.
ودعوته الى لم الشمل في هذا الظرف الدقيق، والتواصل والحوار بين اللبنانيين، هي من ثقافة الفرزلي، الذي يشير الى طاولات الحوار التي عقدت، لوحدة الموقف، وهذه كانت دعوة رئيس الجمهورية الاخيرة الى حوار حول الوضع المالي والاقتصادي والاجتماعي، وهو ما يؤكد عليه نائب رئيس مجلس النواب، بانه كان وما زال صاحب دعوة للم الشمل، في الحكومة او خارجها لا يهم، بل المهم هو كيف يواجه اللبنانيون ازماتهم موحدين وليس منقسمين لان في الانقسام خطراً حقيقياً على الوحدة الوطنية.