مما لا شكّ فيه أن “حزب الله” يمارس دوراً مقاوماً ومسانداً على جبهة الجنوب، بانتظار ما ستؤول إليه التطورات العسكرية الميدانية الحاصلة بين حركة “حماس” والجيش الإسرائيلي. ويظهر بشكل واضح في هذا السياق، من خلال الأعمال العسكرية الحاصلة في الجنوب بين “حزب الله” وإسرائيل، أن الأمور لا زالت حتى اليوم مضبوطة إلى حدٍّ ما، باستثناء بعض الرسائل الصاروخية والمدفعية بين الجهتين المتقابلتين، وذلك في موازاة معطيات تشير إلى أن الجبهة الجنوبية قد تنفجر في أي وقت، إذا ما دخل الجيش الإسرائيلي بعمل بري في غزة، وفي هذه الحال، سيكون “حزب الله” أمام خيار واحد هو فتح جبهة الجنوب بمواجهة إسرائيل.
ولاستيضاح الواقع الذي تعيشه البلاد، لا سيما على الساحة المحلية، سألت “الديار” نائب رئيس المجلس النيابي السابق إيلي الفرزلي، عن تردّدات ما يحصل في غزة على لبنان، فقال: “القائم والثابت أصبح لدى كل المراقبين أن المقاومة الإسلامية في لبنان، وهنا أعني حزب الله، يتعاطى مع المسألة على قاعدة (قطعة ـ قطعة)، كي يحاول ألا ينزلق في لعبة الحرب، وإقحام لبنان في أي لعبة حربية، نظراً للظروف السائدة في البلد، ونظراً لأن أوضاع لبنان الداخلية ليست شبيهة للأوضاع التي كانت سائدة في العام 2006، ولا في العام 1996، ولا حتى في 1993، يتحرّك الحزب بكل حذر، من ضمن قواعد الاشتباك التي كانت سائدة، وأخذ بعين الاعتبار في بداية الأمر القرار 1701، بدليل أن الأهداف الثلاثة التي قصفها كانت في مزارع شبعا التي هي خارجة عن قواعد الاشتباك، باعتبار أنها منطقة متنازَع عليها والاشتباكات فيها مقبولة”.
وعمّا إذا كنا أمام تغيير جغرافيا المنطقة، أشار الرئيس الفرزلي، إلى أن “التطورات التي وقعت في غزة، والتي هي تطورات كبيرة وعظيمة بتداعياتها الاستراتيجية على الكيان الإسرائيلي، قد تدفع الكيان وقادة هذا الكيان، إلى القيام بمحاولة اقتحام غزة، أو عملية تهجير شعب غزة إلى سيناء، وإحداث متغيّرات استراتيجية في المنطقة، ستؤدي حتماً إلى انعكاسات ذات واقع استراتيجي على لبنان، ويجب ألا ننسى اليوم أن العنصر الفلسطيني أصبح حاضراً بقوة في الجنوب، بعد أحداث حركة حماس، حتى تاريخه، فإن ضبط إيقاع تحرّك هذا الحضور قابل للنقاش، وحزب الله يقوم بدوره في عملية ضبط هذا الإيقاع، أمّا إذا تمّت هذه المتغيّرات والتداعيات من اجتياح بري، إلى عملية قتل جماعي، أو إلى إبعاد وتهجير، أعتقد أنه سيصبح من الصعوبة بمكان ضبط إيقاع ردود الفعل، وبالتالي، قد تنفتح المنطقة برمّتها، ليس فقط لبنان، إنما لبنان والجولان، على تطورات قد تكون أيضاً في غاية الخطورة”.
وهل يعني هذا الكلام إعادة رسم المنطقة من جديد، أي ما تحدّث به بنيامين نتنياهو منذ يومين، أكد الرئيس الفرزلي، أن “ما تحدث فيه نتنياهو بالأمس هو تمنيات ورغبة اليمين الإسرائيلي، وتمنيات نتنياهو أيضاً، لأنه لم يعد مستوعباً أن يعود إلى سابق عهده، لأنه سيُحاسَب وسيُطرَد إلى خارج السلطة، لذلك، هو قد يفكر في الذهاب إلى إحداث تطورات استراتيجية كبرى، ما سيرتِّب عليها نتائج استراتيجية كبرى أيضاً”.
وحول ما يقوله البعض اننا أمام آخر حرب في الشرق الأوسط تستتبعها عملية السلام على أساس الدولتين، قال الفرزلي: “قد يكون كذلك، وقد تؤخذ المنطقة أيضاً إلى مؤتمر دولي كبير لإيجاد الحلول السلمية التي نأمل أن تكون عقلانية، وأن يدخل الغرب الذي هو سبب وجود إسرائيل، وثَبُتَ هذا بالأمس بشكل واضح، أن يأخذ بعين الاعتبار منطقاً عقلانياً والذهاب باتجاه تبنّي الدولتين وفكرة الدولتين ومبادرة الملك عبد الله”.