IMLebanon

ما في أحلى من البيت

 

توحّد اللبنانيون ذات يوم ضد وزير الإتصالات السابق محمد شقير، بعد قراره بفرض رسم 20 سنتاً عن كل يوم استخدام لخدمة الـ”واتساب”. بعد تراجعه عن مد يده إلى جيوبهم “المبخوشة”عادوا وانقسموا.

 

وقبل 100 سنة توحدوا حول الجنرال غورو على مضض.

 

وكل سنة يتوحّدون في عيد العمل ويعترفون بحنا غريب خطيباً. ما عدا ذلك فهم منقسمون على كل الروزنامة.

 

ينقسم اللبنانيون على كل شيء. على تاريخهم، على هويتهم، على مشرقيتهم، على مفاهيم التربية، على حق تأديب الرجل لزوجته وتعنيف الزوجة لبعلها،على مايوه النهر والبحر والبحيرة. على ثورة 17 تشرين.

 

ينقسمون، على توصيف الحروب وتاريخ اندلاعها، وعلى توصيف الشهداء. وعلى المقاومة الإسلامية وعلى المقاومة اللبنانية وعلى المقاومة الوطنية.

 

ينقسمون حول ميشال عون وكل آل عون. حتى بيت عون ينقسمون حول العونيّة واقعاً ومرتجى وجهنماً.

 

ينقسمون حول مفاهيم الديموقراطية، والدولة المدنية، والدولة العلمانية والمواطنة، والحياد والتحييد، وعلى قراءة الواضح في الدستور والمستور، والقضية الفلسطينية والقضية الأرمنية والقضية الوطنية والقضية العربية وعلى الشورت والديكولتيه بطبيعة الحال.

 

ينقسم اللبنانيون حول أخلاق جوليا في مسلسل “مرارة الحب”. فتجد شارعاً يؤيد انتقام أمير الشنيع والمريع، وشارعاً يتألّم مع أيمن زوج الدكتورة سوزان.

 

ينقسم اللبنانيون أحزاباً ومجتمعات مدنية وطوائف وحركات ومنظومة وعشائر على الصغيرة والكبيرة من الشؤون الوطنية. ينقسمون على أداء”السيّد” وتكتيكات “الإستيذ” ومواقف “الحكيم” وغموض”الحاكم” ومونولوغات “الصهر” وأسفار وجه السعد وحول أسترازانيكا وفايزر ينقسمون.

 

ينقسم اللبنانيون أفقياً وعمودياً عند كل منعطف وفي كل ساحة. ينقسمون على التوقيت الشتوي والصيفي.

 

ينقسمون حول القضاء العسكري والمدني. ينقسمون بالآلاف، حول القاضية العرفية غادة عون، فهذا الشاعر يتغزّل بشعرها المنكوش وشراسة طباعها وذاك الأديب يستفيض في وصف حالتها الهستيرية. من يؤيد القاضية عون يهاجم القاضي عويدات. ومن ينتصر لعويدات يطالب بإحالة عون إلى الطبيب المختص.

 

أكبر الكتل النيابية المتراصة تنقسم. خرج منها ميشال ضاهر، خرج الصهر الثاني في تراتبية العرش، خرج ميشال معوّض بداعي الإستقالة، خرج نعمة الله فرام، وها هو الياس بك الفرزلي يخرج نفسه من تموضعه في التكتل البرتقالي القوي، مطلقاً قنبلة إنشطارية في مقابلة تلفزيونية دعا فيها قيادة الجيش إلى استلام السلطة وتعليق الدستور، وحل مجلسي النواب والوزراء و”تبعت رئيس الجمهورية على البيت”.

 

وقد زاد، البرلماني المفوّه من حدة الإنقسام بين مؤيد ومعارض لاستلام الجيش السلطة. على المستوى الشخصي، أجدني معارضاً للفرزلي في شق من الحديث ومؤيداً في شق آخر… وما في أحلى من البيت.