Site icon IMLebanon

إيلي الفرزلي… الوفيّ

 

نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، لم يخن الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل. صحيح أنه انقلب عليهما إلى حدّ مطالبته الجيش بعزل عون، كما هجومه على باسيل وتحميله مسؤولية الانهيار الاقتصادي والسياسي في البلاد، من على منبر سعودي. إلا أن ذلك لا يعني أنه خانهما. على العكس من ذلك، الفرزلي هو رمز للوفاء.

 

صحيح أن مواقفه في الأيام الأخيرة مطابقة لمواقف سعد الحريري وسمير جعجع، إلا أن ذلك لا يعني أن وزير إعلام حكومة عام 2005، خرج من فريق 8 آذار وانتقل إلى ضفة خصومه.

الفرزلي لا يزال هو هو، حيث كان، وفياً لحزبه، متمسكاً بمبادئ هذا الحزب، لا يهادن، ولا يتراجع، مهما كلّفه ذلك. وحزبه هذا، بخلاف ما يظن كثيرون، ليس حزب الطائف، بل حزب المصرف. كان شجاعاً إلى حد قولها، علناً، في عز النقمة الشعبية على المصارف: نعم، نحن حزب المصرف. هذا هو الحزب الذي ينتمي إليه الفرزلي. الباقي قشور. لا يضيره أن يقف إلى جانب الحريري الذي أراد محوه عن الخريطة السياسية عام 2005، ولا في صفّ جعجع الذي حاول، بالفعل لا بالنية، شطبه من قيود الحياة في الحرب الأهلية… طالما أنهما يدافعان عن مبادئ حزبهم، حزب المصرف.

اليوم، يعيش هذا الحزب حالة توتر غير مسبوقة. هو، على ما قال أحد الناطقين باسمه (نقولا شماس)، اعتاد أن يُطاع ولا يطيع. لكن، طوال تاريخ لبنان، لم تكن صورته بالحالة التي هي عليه اليوم. الصورة كما الجوهر، مهشّمان. هذا الحزب لم يكفّ عن شن الحرب على اللبنانيين وسائر سكان لبنان، إلا أن ذلك لا يلغي واقع أنه ضعيف، ومأزوم، ومفلس. وهو لا يخوض حالياً معركة الدفاع عن «حقه» كطفيلية تمتص دم الاقتصاد والناس، بل يقاتل من أجل منع إعلان حقيقته: قطاع مفلس، وأصحابه لا يريدون أن يدفعوا، من مالهم الخاص، ثمن ما اقترفوه طوال عقود. يريدون للناس، عموم الناس، فقرائهم ومن نجا من طبقتهم الوسطى، ان يدفعوا الثمن، سواء بمالهم الخاص أو بالمال العام. وهنا لبّ معركتهم. إذا انتصروا فيها، فسينتقلون إلى الخطوة التالية: العودة إلى ما سبق، وممارسة كل الموبقات وجرائم سرقة المال العام والخاص، على حساب الاقتصاد، بذريعة أن الاحتكار والنهب في المصارف الخاصة والمستشفيات الخاصة والمدارس الخاصة وشركات الأدوية الخاصة والوكالات الحصرية الخاصة ومعامل الترابة الخاصة وشركات المياه الخاصة وشركات النفايات الخاصة وشركات صيانة وتشغيل معامل الكهرباء الخاصة… وتحويل المال العام إلى ثروات بيد القلة، ومصادرة الودائع وتذويبها… كلها تسمّى «الاقتصاد الحر».

وصل قلق هذا الحزب إلى حدّ أن ما تقوم به القاضية غادة عون دفعه إلى الخروج عن طوره: سمير جعجع يضرب عرض الحائط بكل ما نظّره له («وزيره» السابق) كميل أبو سليمان، ومستشاره روي بدارو، ويختار تكرار كذبة حزب المصرف عن أن ودائع الناس «ديّنتها» البنوك للدولة. وإيلي الفرزلي ينقلب على ميشال عون وجبران باسيل. يفعلان ذلك، فيما حزبهما يعرف تمام المعرفة أن ما تقوم به غادة عون سيصل إلى حائط مسدود، وأنه لا مجال لأيّ خرق في جدار «سرقة القرن»، إلا بخطوة غير متوقعة يخطوها المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، عبر فتح تحقيق جنائي حقيقي في عملية النهب التي قامت بها المصارف، واتخاذ قرار بكفّ يد رياض سلامة عن ممارسة مهماته.

إيلي الفرزلي ليس خائناً، بل هو وفيّ لحزبه الأوحد، حزب المصرف، ومدافع شرس عن حقّ هذا الحزب بشنّ حرب علينا جميعاً، وسرقة كل ما نملكه، كمُلك خاص ومُلك عام، من أجل أن يستمرّ عدد ضئيل من العائلات (أقلّ من 0.1 في المئة من اللبنانيين) باحتكار الثروة. كل ما عدا ذلك، من مذاهب وطوائف وقوانين انتخاب وانقسامات سياسية، لا يساوي عنده شاشة «ATM».