Site icon IMLebanon

الإرهاب الآخر…

يتعرَّض اللبنانيون الى إرهاب جديد، غير مسبوق، تمارسه البلدان «المانحة» (ماذا منحتنا؟) ومؤسسات التصنيف، ومن أسفٍ أنَّ المسؤولين يهرولون لملاقاة «الإرهابيين» الجدد في الضغوط التي يمارسونها على هذا الوطن وهذا الشعب.

نحن لا ندِّعي أنَّ الدنيا بألف خير. ولا نزعم أنَّ لدينا فائضاً في الرحرحة والازدهار. ونعرف، جيداً، أنَّ هناك ضيقاً اقتصادياً – مالياً ملحوظاً. ولكننا لا نستسيغ هذه الهجمة الشرسة في «النصائح – التحذيرات» المصلت سيفها فوق رؤوسنا، مرفقة بتهديدات علنية: افعلوا كذا وإلاَّ.. ضيّقوا الإنفاق الى أدنى الحدود وإلاَّ.. شدّوا الحزام وإلاَّ.. جوعوا وإلاَّ..

وإلاَّ ماذا؟ نذهب الى الجوع؟! أليس الأخذ بـ»الارشادات» التي يطلع علينا بها الموفدون الأجانب والمؤسسات الدولية والصناديق الدولية أيضاً (…) أليس الأخذ بها يدفع البلد الى الجوع؟!.

فماذا نريد؟!.

معاذ الله أن نكون نجهل أو نتجاهل الى أي مدى وصلت بنا الأزمة الاقتصادية – المالية – الاجتماعية. ولكن إقرارنا بوجودها لا يدفعنا الى الاستسلام للتدابير المتمادية التي يلوّحون بها من دون البحث الجدّي عن مصادر الهدر. فنحن نعرف أن أمامنا طريقاً شاقاً نحو جلجلة إصلاح واقع الحال.. ولكننا لا نقبل أن نكون وقوداً فيما الذين انتفخوا بثرواتهم الحرام يسرحون ويمرحون و… يهيمنون!

لا أحد يجهل أن الحرب التي دامت 15 سنة لم تستطع أن تدخل لبنان في نفق الديون إلاَّ بما يقارب فقط المليار دولار (أكثر قليلاً أو أدنى من المليار الواحد).. ولكننا في زمن السلم الأهلي بلغنا المئة مليار دولار والحبل على الجرار، والتبريرات كلها التي يرمونها في وجوهنا لا تبرِّر لنا هذا الرقم المخيف.

واللبنانيون يعرفون، القصة «من طقطق الى السلام عليكم». ويشيرون الى الفاسدين بالأسماء… والأرقام! فعندما تنتفخ الجيوب والبطون و…الأرقام لا يكون مقبولاً أو مستساغاً أن ترفع عصا الإجراءات في وجه الناس «الغلابى»! الناس الذين يعرفون، أيضاً أرقام الحسابات المتراكمة للأبناء والبنات وحتى للمحظيين والمحظيات!

كتبنا، في الأسبوع الماضي، ها هنا محذّرين من لجوء البعض الى البروباغندا والديماغوجية للوقوف في وجه التدابير الإنقاذية. لازلنا عند رأينا. إلاَّ أن في يقيننا أن طليعة الإنقاذ تبدأ بفتح ملفات الذين أثروا من استغلال النفوذ واستشراء الفساد.. أي أولئك الذين أثروا من أموال الشعب.. والذين ضربهم ورم الثروات مقابل اختفاء «الطبقة الوسطى» التي كانت (حتى ما بعد انتهاء الخمس عشرة سنة حرباً) هي صمّام الأمان للوضع المالي – الاجتماعي في لبنان.

وليكن واضحاً أننا نشدّ على أيدي أصحاب الثروات التي جُنيت بالجهد والتعب والمتابعة والسهر، وهم ليسوا مقصودين بهذا الكلام.. أما أن تأتي السلطة لتسلب المواطن «الكحيان» آخر قدرته على مواجهة تكاليف الحياة، باسم «التدابير الإنقاذية».. فهذا شأن آخر!