Site icon IMLebanon

السفارات “لن تحرق أصابعها”

 

فَعلَ “الحشد الشعبي” في لبنان فعله أمس، بتحطيم أنصار “حزب الله” اعتصام خيم الحراك الشعبي في ساحتي رياض الصلح والشهداء، مع اختلاف الظروف مقارنة بالعراق.

 

دخل لبنان مرحلة جديدة مع استقالة الرئيس سعد الحريري، التي قد تكون فاتحة لتصاعد الأزمة بعد أن تعذر إيجاد مخرج منها خلال الـ 13 يوماً الماضية، إذ إن “حزب الله” كان ما زال يتعامل مع الحراك الشعبي على أنه مخطط خارجي تتولاه سفارات، وفق ما قال أمينه العام السيد حسن نصرالله يوم الجمعة الماضي، مثلما رأى حلفاء إيران التحركات الشعبية الاحتجاجية في العراق، لا سيما أنها تركزت في المحافظات الشيعية.

 

وإذا كان تأليف حكومة جديدة ينتظر موقف “الحزب” وحلفائه، لا سيما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فإن ما سبق استقالة الحريري من رفض للبدائل، قد يستمر في إعاقة استيلاد الصيغة الجديدة.

 

هذا يطرح السؤال عما إذا كان للدول المؤثرة في لبنان و”السفارات” دور في المخارج الممكنة، طالما أن بعضها نصح الحريري في 18 الجاري حين كان ينوي الاستقالة بالتريث، منعاً لحصول الفراغ الذي قد يزيد من أسباب التدهور الاقتصادي إذا طال. فماذا يمكن لهذه السفارات أن تفعله الآن؟

 

المتابع للموقف الديبلوماسي العام منذ الانفجار الشعبي في 17 الجاري يمكنه تسجيل المعطيات الآتية:

 

1 – منذ اجتماع عدد من السفراء الأجانب ثم مجموعة الدعم الدولية ثم سفراء الاتحاد الأوروبي مع الحريري، ولقاءات بعضهم مع الرئيس عون، تعاطى هؤلاء مع الحراك الشعبي على أن مطالبه جذرية يفترض التعامل معها بجدية. إلا أنه سادت نادي السفراء وجهتا نظر، الأولى تعتبر أنه يجب أخذ رأي الناس في الشارع في الاعتبار، وإحداث صدمة إيجابية لا تتجاهل صوت المحتجين، بإعلان إصلاحات جذرية تلبي مطالب الناس، والاستماع إلى مطلب تغيير الطاقم الحاكم، لكن مع تجنب الفراغ ومن دون إعلان دعم ذهاب الحكومة لأن الأمر مرتبط بالتوافق بين الفرقاء على البديل. ويشدد ديبلوماسيون على أن السفراء اجتمعوا إلى رئيس الحكومة طالما هي باقية، على رغم أن بعض الحراك الشعبي يلوم السفراء في وقت يطالب الشارع برحيلها، بينما لم يجتمعوا بقادة هذا الحراك في المقابل. كما أن السفراء لم يميلوا إلى التعاطي مع قادة الحراك، حتى لا يتهموا بأنهم يدبرون تحريك الاعتراض الشعبي وهو الأمر الذي تمّ لاحقاً على لسان نصرالله.

 

وإذا كانت الدول الغربية من وجهة النظر المذكورة، فإن التوجه الثاني يرى حفظ الاستقرار في لبنان كأولوية على الإصلاحات والتغيير. وهو ما عبرت عنه مواقف سفراء الصين وإيران وروسيا، التي مع تشديدها على أولوية الاستقرار، لم تمانع في وجوب الأخذ في الاعتبار المطالب الشعبية.

 

2 – إن الدول الغربية بما فيها أميركا ودول الاتحاد الأوروبي لعبت دوراً في ترجيح التوجه نحو تجنب الصدام بين القوى الأمنية والحراك الشعبي، وشجعت عليه ورأت أن موقف الحريري في هذا الصدد إيجابي، وساندت روسيا النصائح بتجنب العنف وإراقة الدماء، من باب أولوية الحفاظ على الاستقرار، بحيث يتم تفادي ذهاب الحكومة تحت ضغط أحداث دراماتيكية.

 

3 – إذا كانت الدول الكبرى المعنية بالوضع اللبناني امتنعت عن أي مبادرة للتشجيع على التغيير الحكومي كصدمة إيجابية لاحتواء المأزق، فإنها بعد استقالة الحريري يصعب عليها أن تقوم بأي مبادرة لأسباب عدة. ويرى ديبلوماسي مطلع على المواقف الدولية، أنه إذا كان البعض يتوقع من واشنطن أن تلعب دوراً في الإسراع في تأليف الحكومة تجنباً للفراغ، وأضراره الاقتصادية المالية، فإن الولايات المتحدة التي تنسحب من سوريا غير مهتمة بالانغماس في الوضع اللبناني الداخلي. وليس هناك من دولة مستعدة لحرق أصابعها في وضع لبنان المعقد في هذه الظروف