IMLebanon

مخاوف طارئة لدى الديبلوماسيين من الانزلاق عون وفرنجية أمام حسابات ما بعد العاصفة

تقر مصادر سياسية ان ثمة ضياعاً لدى كل من فريقي 14 و8 آذار في شأن طبيعة تطورات الوضع الاقليمي، اذ من غير الواضح لدى اي من الجهتين معرفة اتجاهات الوضع الداخلي في لبنان على رغم الاجتهادات القائمة لوضع احتمالات او سيناريوات مختلفة. كذلك فان الاجراءات التي اتخذتها السعودية ازاء لبنان وتبعتها دول خليجية عدة بقيت عصية على فهم انعكاساتها السياسية على الاقل في ظل عدم القدرة على معرفة ما اذا كانت ستتوقف او انها ستستدرج اجراءات جديدة. السؤال الملح الذي تقدم في الايام الأخيرة هو هل تصب هذه الاجراءات في خانة الضغط الايجابي بحيث يؤدي الى اجراء انتخابات رئاسية ام يعني اخراجا للبنان من سياسة التحييد التي اعتمدت بالنسبة اليه خلال السنوات الخمس الماضية من عمر الازمة السورية بين كل من السعودية وايران؟ فبالنسبة الى الشق الثاني من السؤال، تثير هذه المصادر مخاوف كبرت خلال الاسبوع الماضي لدى افرقاء في الداخل كما لدى ديبلوماسيين اجانب كانوا يطمئنون غالبا الى وجود مظلة خارجية حامية للبنان الى جانب ارادة الافرقاء الداخليين في عدم الانجرار الى حرب داخلية، في حين شكل الحادث الذي حصل في السعديات انذارا بأن الامور قد تنزلق في لحظة ما إما إلى فتنة وإما الى اضطرابات داخلية تربك الجيش وتضيف وضعا صعبا الى الصعوبة التي يواجهها الوضع الداخلي راهنا. ولم تنف مراجع امنية مخاوفها من الاحتمال الثاني الذي يبقى الاكثر ترجيحا في ظل وجود قرار حاسم لدى الافرقاء بعدم الذهاب الى حرب داخلية، اذ تبدو هذه الاخيرة من جهة متناقضة مع المساعي الدولية لوقف الحرب الاهلية في سوريا، ومن جهة اخرى بالنسبة الى البعض مكملة او بديلة للساحة السورية.

ومع ان التوقعات السياسية ترجح ان تطول أزمة الانتخابات الرئاسية اكثر في ضوء التطورات الاخيرة، فان المصادر السياسية ترى ان ثمة تغيرا ضروريا او حتميا في الوضع اللبناني تحتمه التطورات الاخيرة بحيث ترى هذه المصادر شبه استحالة ان تبقى الامور على حالها الراهنة بغض النظر عن تطورها سلبا او ايجابا بحيث لن يكون هناك من فصل لتصاعد الازمات في لبنان وتزايدها سوى في الذهاب الى اتفاق يفضي الى انتخاب رئيس يؤدي انتخابه الى لملمة الوضع داخليا ومع الخارج وخصوصا الدول الخليجية. ففيما انصبت جهود الرئيس سعد الحريري منذ عودته عشية الذكرى الحادية عشرة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري على محاولة تأمين النصاب لجلسة 2 آذار المقبل، فان جملة متغيرات افضت اليها التطورات الاخيرة لا يمكن تجاهلها من بينها في شكل اساسي ان ارتباط الازمة مع المملكة السعودية بمواقف السياسة الخارجية اللبنانية ستجعل الرهان على بقاء الباب مفتوحا أمام العماد ميشال عون للرئاسة الاولى اشد صعوبة لاعتبارين على الاقل بغض النظر عن تقويم مدى الخطأ الذي ارتكبه صهره الوزير جبران باسيل والذي يراه البعض انه ليس فادحا الى الحد الذي ادى الى ردود الفعل التي حصلت، في حين يراه البعض الآخر بمثابة النقطة التي طفحت بها الكأس السعودية في ظروف اقليمية معقدة. هذا الرهان اقفل واقعيا بعد عودة الرئيس الحريري، علما ان الامال كانت لدى التيار الوطني الحر كبيرة بأن يدعمه الحريري بناء على متغير آخر هو دعم حليفته “القوات اللبنانية” لعون، لكن الحريري اعلن تمسكه بدعم النائب سليمان فرنجيه وهو كان حاسما مع زواره بانه لن يدعم عون في اي حال وتحت اي ظرف مستقبليا كما ان فرنجيه لم ينسحب وفق ما قد يكون توقع او راهن البعض. المواقف السعودية الاخيرة حسمت هذا الاتجاه على نحو غير قابل للمناقشة نظرا الى التزام اظهره “التيار الحر” مع مواقف ” حزب الله” والمحور الايراني لن يجعله في اي لحظة مصدر ثقة بالنسبة الى الدول الخليجية. لا بل ان التبعات التي رتبتها مواقف الخارجية ستبدو مبررة حتى أمام الرأي العام المسيحي في عدم امكان دعم خيار حتى لو انه يحظى بدعم اكثري مسيحي وفق ما يقوله “التيار” و”القوات”، بما يعني ان وصول من يدعمه التحالف المسيحي غير قابل للصرف لا في الترجمة العملية في الداخل ولا في اقناع الدول الخليجية بهذا الخيار.

تصعب جدا قراءة ما جرى في غير هذا الاتجاه اقله بالنسبة الى انعكاساته في الموضوع الرئاسي من دون امكان الجزم بان انتخاب النائب فرنجيه قد يكون محسوما في المقابل. قد تحتاج الامور مزيدا من الوقت لكن المرجح ان المرشح المعلن لـ” حزب الله” لن ينتخب ما لم يعد ذلك استسلاما له، في حين ان المواجهة السياسية فتحت معه علنا من الدول الخليجية ومن فريق كبير من اللبنانيين. واذا اتيح لعون الوصول نتيجة اي عامل طارئ فلن يكون قادرا على ان يحكم لانه يكون كسر بذلك احد الافرقاء الاساسيين في البلد. والسؤال هنا يثار من باب اذا كان يمكن ان يراجع الحزب مواقفه في ضوء ان وصول عون قد غدا اكثر تعقيدا او ربما اقناعه بفقدان اي فرصة له فيربح دعم ترشيح فرنجيه بدلا من احتمال اطاحة مرشحين اثنين من فريقه.