Site icon IMLebanon

هذا ما قاله السفير إيمانـويـل بـــون لمرجعية سياسية عن المبادرة الفرنسية…

 

لا زالت الإتصالات الفرنسية مستمرة مع بعض المرجعيات والقيادات اللبنانية، وخصوصاً من مستشاري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وعلى وجه الخصوص السفير إيمانويل بون، الذي أكد لأحد المرجعيات السياسية والذي تربطه به صداقة قديمة، بأن ما طرحه ماكرون في قصر الصنوبر لن يتغيّر بالمضمون، أو أن البنود الإصلاحية انتفت، بل ثمة تنقيح لهذه المبادرة ربطاً بالتطورات التي حصلت في الآونة الأخيرة أكان في لبنان أو المنطقة، وصولاً إلى ما تم تداوله بين باريس وواشنطن على خلفية دعم المبادرة الفرنسية.

 

ولكن، يبدو جلياً أن الإدارة الأميركية دخلت بقوة على الخط اللبناني، ومن باب ترسيم الحدود بين لبنان والعدو الإسرائيلي، وهذا ما سيتابعه في الأيام المقبلة وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى دايفيد شينكر، الذي يرتقب أن يقوم بزيارة لبنان في وقت ليس ببعيد، ما يعني أن المبادرة الفرنسية بعناوينها التي عرضها الرئيس الفرنسي على الزعامات والقيادات والأحزاب في قصر الصنوبر قد فقدت وهجها، وتحوّلت إلى مبادرة أميركية ـ فرنسية ودولية بشكل عام بعد دخول موسكو على خط الإتصالات التي قام بها موفد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوساط ميخائيل بوغدانوف، وحيث لم يُعرف إذا كان سيزور لبنان برفقة وزير الخارجية سيرغي لافروف أو في زيارة منفردة، على اعتبار أن ثمة علاقات وثيقة تربطه ببعض المرجعيات السياسية اللبنانية، ما يؤشّر إلى أن «الطبخة» لحل الأزمة اللبنانية لم تعد فرنسية فقط، بل بات هناك أكثر من طبّاخ يعمل على الملف اللبناني، وقد يكون الدور الأميركي هذه المرة متقدماً إلى درجة كبيرة عن الفرنسيين وسواهم بعد إثارة موضوع الترسيم، وكذلك تريد واشنطن حكومة في لبنان في وقت قريب، ولا تمانع بأن تكون تكنوقراط، وهذا ما يؤدي إلى بعض التباين مع الفرنسيين الذين جهدوا من أجل حكومة إصلاح أو اختصاصيين بعيداً عن الأحزاب والتيارات السياسية.

 

وبالتالي، هذا الموقف الأميركي يتناغم مع ما يطلبه رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس نبيه بري بأن تتمثّل القوى السياسية الأساسية في أي حكومة لمقتضيات المرحلة، إنما التماهي بين الأميركيين والفرنسيين، وفق المعلومات، يصبّ في إطار التشدّد على الإصلاح ومن خلال مراقبة دولية وحصر المساعدات ببعض الجمعيات والصليب الأحمر، وبمعزل عن الدولة اللبنانية ومؤسّساتها الرسمية، وبالتالي، وضع لبنان تحت المجهر الدولي وإعطائه فرصة لإقرار التشريعات الإصلاحية المالية والإقتصادية.

 

وفي غضون ذلك، فإن مسألة الإستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها عون مع الكتل النيابية لا تزال بعيدة المنال، أو أنها غير ذي أهمية، نظراً لمعلومات تكشفها أكثر من جهة سياسية، بأن العمل يجري حالياً على التوافق السياسي على التأليف قبل الشروع في الإستشارات، ومن ثم التكليف، نظراً لما عاناه الرئيس المكلّف السفير مصطفى أديب، وبالتالي، مع تبدّل المعطيات التي كانت قائمة بعد الزيارة الأخيرة للرئيس الفرنسي إلى لبنان.

 

من هذا المنطلق، يظهر جلياً أن المبادرة الفرنسية مستمرة، لكن ليس بالزخم الذي كان سابقاً، بحيث ثمة شريك أميركي دخل بقوة على الملف اللبناني، وتغيّرت الإستراتيجية التي كانت قائمة عبر الدور الذي كان يلعبه ماكرون.

 

والسؤال المطروح بحسب المعنيين ما إذا كان الدور الأميركي سيؤدي إلى حل الأزمة اللبنانية من منطلق تشكيل حكومة إصلاحية وتغيير النهج السياسي الذي كان سائداً وقد أدى إلى إفلاس البلد، هنا تعتبر الجهات المتابعة، بأن لا حل قبل معرفة اتجاه بوصلة الإنتخابات الأميركية، ومن ثم التوافق حول ما يجري في شمال سوريا، وتحديداً في منطقة إدلب إلى المستجدات الأخيرة في إقليم كاراباخ، بمعنى أن ما يمكن أن يحصل من خلال تقاسم النفوذ بين بعض العواصم الدولية، ولا سيما واشنطن وباريس وموسكو ومن الطبيعي أن لبنان ليس بمنأى عن هذه التطورات وتداعياتها وانعكاساتها على داخله، كونه هو الآخر مرتبطاً بسياسة المحاور، لذا، ثمة ترقّب لمسار هذه التطورات ليبنى على الشيء مقتضاه على الساحة اللبنانية، وتحديداً التكليف والتأليف وكيفية سلوك المبادرة الفرنسية المدعومة من واشنطن بعد غربلتها، أو كيفية تنفيذ النسخة الفرنسية الثانية، هذا ما ستكشفه الأسابيع المقبلة، مع توقّع حصول أكثر من احتمال رهناً بالتطورات المتلاحقة، بينما يبقى القلق الأكبر من أن يؤدي الإنهيار الإجتماعي والإقتصادي المتواصل إلى ثورة في الشارع، وعندها تتغيّر كل المعادلات نظراً لأجواء عن تحضيرات واسعة النطاق في الذكرى الأولى لانطلاق ثورة 17 تشرين.