لم تحمل الساعات الماضية أي أمل بحلّ حكومي بعدما تعقدت العلاقات بين بعبدا و”بيت الوسط”، ما يُبشّر بفترة فراغ حكومي طويلة الأمد.
يراقب الفرنسي ومعه الأوروبي تطورات الأوضاع اللبنانية، ولم يُحدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حتى الساعة موعداً لزيارته إلى لبنان بعدما ألغى الزيارة السابقة بسبب إصابته بـ”كورونا”.
ويتدهور الوضع الصحي في أوروبا والعالم، وقد احتلّ لبنان مراتب متقدّمة في تفشّي وباء “كورونا”، وهذا الأمر ساهم في إرتفاع منسوب الغضب الفرنسي والأوروبي على الحكم اللبناني.
ولا يقتصر الغضب الأوروبي على الأوضاع السياسية والحكوميّة المتدهورة، بل وصل إلى حدّ السؤال عما يفعله حكّام لبنان في الملف الصحي.
ويتساءل الفرنسي بشكل خاص عن التأخير بإصدار التشريعات الضرورية للقاح “كورونا”، في حين أن الجميع يعلم أن إستيراد اللقاحات يحتاج إلى تشريعات خاصة منذ شهر ونصف الشهر، ويعتبر الفرنسي أن التأخير في هذا السياق جريمة موصوفة بحق الشعب اللبناني الذي يواجه الموت على أبواب المستشفيات، وكأن هذه الطبقة السياسية تعمل للقضاء على شعبها وغير آبهة لما قد يصيبه من تفشّي “الكورونا”.
وتشير مصادر مطّلعة على الموقف الفرنسي لـ”نداء الوطن” الى أن باريس، ومعها أوروبا، وصلت إلى درجة اليأس والإحباط من الطبقة السياسية التي تصفها بـ”الماكرة” وتعمل على تدمير ما تبقّى من مؤسسات لبنانية.
وأمام هذا التأخير الحكومي غير المبرّر، فإن باريس لن تُقدم على طرح أي مبادرة في الوقت الحالي، لأنها تعتبر أن مبادرة ماكرون هي خريطة العمل الواضحة للخروج من الأزمة اللبنانية، وهذه المبادرة لم يُطبّق منها أي بند حتى الساعة، فكيف تطرح مبادرة أخرى في ظل غياب الضمانات الواضحة من الطبقة السياسية؟
وتؤكّد المصادر نفسها أن فرنسا غيّرت خطّة تحرّكها بالنسبة إلى لبنان، ففي السابق كانت على عجلة من أمرها كي لا يقع الإنهيار، أما اليوم فانها استسلمت لاحتمال الانهيار التام والشامل في انتظار ان تسمح لها التطورات بالتدخل.
ومن وجهة النظر الفرنسية، فإن حكّام لبنان لم ولن يشعروا بالخطر طالما أن الوضع باقٍ على ما هو عليه، لكن عندما يقع الإنهيار الشامل عندها سيكونون أمام المحاسبة، ولن يهربوا باستخدام أسلوب التذاكي أو يُطيّروا المبادرات الإنقاذية، لأنهم سيوضعون على تماس مباشر مع الشعب الذي قد ينقضّ عليهم بعدما أوصلوه إلى الجوع والفقر.
وتواصل الدوائر الفرنسية حملتها على أهل السياسة في لبنان، وتصفهم بأبشع الأوصاف، وتُحمّل كل الطبقة السياسية مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع لأنها لا تسارع إلى إيجاد حلّ للمأزق الحكومي. وتراقب الكباش الذي يحصل بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، وتعتبر أنه غير منطقي، فالبلاد تنهار والناس تموت، إما جوعاً أو بسبب تفشي “الكورونا”، والمسؤولون “يتناتشون الحصص”.
وإضافةً إلى موجة الغضب على عون و”حزب الله”، فإن المعلومات تؤكّد أن باريس عاتبة على الرئيس الحريري، فقد أقنع الفرنسيين بأنه الرجل المناسب لتطبيق مبادرة ماكرون بعد إعتذار السفير مصطفى أديب، وشدّد على أنه يملك الحلّ لتأليف حكومة، وبعد تكليفه لم تتشكل الحكومة، ويحتفظ بالتكليف ويسمح للمعطلين بالتستّر خلفه، ودخل في لعبة المحاصصة والسلطة، وبالتالي يساهم بطريقة مباشرة وغير مباشرة في ضرب الحلّ.
يبدو الغضب الفرنسي واضحاً على حكّام لبنان من دون إستثناء، في حين أن الحلّ المنشود يبقى بعيد المنال لأن هناك طبقة سياسية تحارب من أجل الحفاظ على المكتسبات ولن تتخلى عنها بسهولة.