ترتدي الوعود التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بمساعدة لبنان على تأمين دعم دولي وعربي من أجل النهوض من أزمته، طابعاً مختلفاً اليوم بعد زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حيث تؤكد مصادر نيابية مواكبة، أن أي تقدم أو خطوة أيجابية تقوم بها الحكومة على مستوى إدارة الأزمة اللبنانية، تعني في الوقت نفسه نجاحاً للرئيس الفرنسي، وخصوصاً أنه الرئيس الوحيد الذي يقف الى جانب لبنان، وما زال متمسكاً بإنجاح مبادرته السياسية والمالية والإقتصادية. وتعتبر هذه المصادر، أن الموقف الفرنسي بعد اللقاء مع ميقاتي، هو أكثر من داعم للحكومة، وبالتالي، للدولة، ولكن هذا الدعم يأتي مشروطاً بتنفيذ الوعود الحكومية، وفي مقدمها وعد إجراء الإصلاحات وتأمين مناخ من الشفافية يسمح بأن تبدأ الدول المانحة بتقديم الدعم المالي للبنان، والذي سيؤدي إلى تغيير المشهد وبشكل خاص على الصعيد المالي، بعدما عاد سعر الدولار للارتفاع في السوق السوداء خلال اليومين الماضيين.
وإذ تشدّد المصادر، على أن الرئيس ماكرون قد تعهّد مجدّداً بمساعدة الحكومة، وبأن فرنسا لن تخذل اللبنانيين، توجّه بشكل مباشر الى الرؤساء الثلاثة اللبنانيين، من أجل التأكيد على مسؤوليتهم المشتركة في مشروع الإصلاح المذكور، والذي لا يعتبر الرئيس الفرنسي أنه مسؤولية حكومة ميقاتي منفردة، وخصوصاً أن الخطوة الأولى في هذا المسار، هي البدء بالمفاوضات سريعاً مع صندوق النقد الدولي، وهو الملف الذي يضطلع به راهناً ميقاتي شخصياً، وفق ما تكشف المصادر النيابية نفسها، والتي تتحدث عن توافق ما بين الرؤساء الثلاثة حول هذا العنوان، تفادياً من تكرار ما حصل مع الرئيس السابق حسان دياب، عندما باشرت حكومته العمل على هذا الملف، ومن دون أي غطاء سياسي داخلي.
ومن هنا، فإن الإلتزام الرئاسي الفرنسي، لا يقتصر فقط على ما تقدّم، تُضيف المصادر النيابية، بل هو يتخطى ذلك الى السعي لإعادة الرعاية الدولية والعربية من خلال استعادة شبكة الأمان المالية للواقع اللبناني، لان الإستقرار المالي بفعل المساعدات الدولية، وبشكل خاص العربية، ستكون كفيلة بتحقيق انقلاب نوعي في المشهد المالي اللبناني، مع العلم أن هذه المهمة، وتحديداً فتح الأبواب العربية «المغلقة» أمام الحكومة، تقتضي القيام بما يتخطى القرارات والبيانات الى مباشرة العمل الميداني من خلال ورشة تشريعية وحكومية في آن، وهو ما تدركه كل من باريس وبيروت، ويجري العمل على إطلاقه في الأسابيع المقبلة، بعدما بات واضحاً أن الحكومة الجديدة، قد بادرت ومنذ اليوم الأول، الى أخذ دورها في مواجهة كل المشاكل الداخلية، في ضوء إدراك كل مكوّناتها السياسية أنها تكاد تكون الفرصة الأخيرة للإنقاذ من الإنهيار.
واللافت في المؤتمر الصحافي بالأمس على درج «الإليزيه» في فرنسا، كان، وبحسب المصادر النيابية نفسها، تكرار الرئيس الفرنسي لكلمة «سأحاول»، وهو ما يخفي في طياته إصراراً فرنسياً على الإستمرار في المساعي في كل الإتجاهات لمساعدة لبنان ولو تأخرت النتائج ، على غرار الإصرار الذي أبداه على مدى الأشهر الماضية من أجل الدفع باتجاه تشكيل حكومة في لبنان، ولو أن الأمر لم يأتِ وفق مبادرته بالكامل.