IMLebanon

الحياد أو النّأي بالنّفس

 

 

طبطب الرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون على كتف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي واعداً إياه بوساطة سيبذلها لحلحلة الأزمة المعقّدة بين السعوديّة ولبنان، مسكين الرئيس ميقاتي إن صدّق الوعد الماكروني فقد سبق وجرّبه فور تشكّل حكومته عندما حاول ماكرون مع السعوديّة عبر اتصال هاتفي مع وليّ العهد محمّد بن سلمان وباءت محاولة ماكرون بفشله وبخيبة أمل ميقاتي!

 

يتجاهل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنّ نظريّة “النأي بالنّفس” التي روّج لها كثيراً يوم جاءت به القمصان السود رئيساً للحكومة، يتجاهل أنّ نظريته تلك أسقطها حزب الله عندما ذهب إلى سوريا تنفيذاً لأوامر الوليّ الفقيه ولا يزال فيها حتى اليوم، يعيدنا ميقاتي إلى نغمته القديمة، وكأنّه لم يسمع أبداً أنّ البطريرك بشارة الرّاعي طرح عنواناً عريضاً تجمّع تحته وتحت شباك بكركي أغلبية اللبنانيّين، يومعا كانت الشعارات التي رفعها اللبنانيّون في سبت بكركي العظيم أكبر وأبعد بكثير من أكذوبة “النّأي بالنّفس” لأنّها تعلّقت بإرهاب حزب الله وطرد إيران من لبنان وهذه هي الحقيقة العميقة التي كان اللبنانيّون بحاجة للتعبير عنها في وجه العالم السّاكت عن معاناتهم بسبب الشيطان الإيراني الذي انقلب على اللبنانيين بالتخوين والتهديد والوعيد.

 

وحتى ننبّه فقط الرئيس ميقاتي حتى لا يسترسل في نظريته القديمة نذكّره بأن حزب الله لم يخجل من اتهام البطريرك الراعي بالعمالة لإسرائيل فأي تهمة سيوجّهها إليه الحزب هو ونظريّته، فعلى الأقلّ الحياد الذي طالب به البطريرك الراعي ومن خلفه اللبنانيون نصّ عليه اتفاق بعبدا قبل تسع سنوات في بنده الثاني عشر الذي نصّ على “تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليميّة والدوليّة وتجنيبه الانعكاسات السلبيّة للتوتّرات والأزمات الإقليميّة، وذلك حرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنيّة وسلمه الأهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب التزام قرارات الشرعيّة الدوليّة والإجماع العربي والقضيّة الفلسطينيّة المحقّة، بما في ذلك حقّ اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم وعدم توطينهم”، وكذلك مطالبة البطريرك بتطبيق المقررات الدولية وهو بند الرابع عشر الذي نصّ عليه اتفاق بعبدا عام 2012 “إلتزام القرارات الدوليّة، بما في ذلك القرار 1701”، كلّ الحوارات والاتفاقات مع حزب الله كانت خداعاً وتقيّة حتى تحيّن لحظة مناسبة للانقلاب عليها، المطلوب اليوم أن يستمر اللبنانيون اليوم بمتابعة مشهد بكركي ورفع الصوت عالياً بنفس الشعارات التي توجع حزب الله صوتاً وصورة وتخيفه من إجبار هذه الصورة اللبنانية أن تحرّك العالم لإنقاذ لبنان منه ومن احتلال إيران!

 

مأزق لبنان الحقيقي وأي حكومة ستتشكّل فيه ليس الوضع الاقتصادي ولا المالي ولا اهتراء الدولة وفساد مؤسساتها ولا الحاجة إلى إصلاح عاجل، كلّ هذه تفاصيل صغيرة لأنّ أزمة لبنان الكبرى والحقيقيّة هي حزب الله وأجندته وهذه الأزمة الكبرى مرشّحة للقضاء على الكيان اللبناني، وأفضل ما يفعله اللبنانيّون اليوم هو ببساطه عدم الرضوخ لحزب الله وسياساته!