IMLebanon

أوهام ماكرون الحكوميّة  

 

واحدة من العقبات التي خدع الرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون نفسه وتجاهل رؤيتها ظنّاً منه أنّ حضوره قد يغيّر ويبدّل في المشهد السياسي العام، ربّـما ظنّ رئيس فرنسا أنّ الرئاسات في لبنان كتلك التي يلتقى بها في بلاد العالم الأول، أو حتّى في بعض دول العالم العربي، وجوه الثعالب في لبنان تشبه ثعالب حكايا les fables choisis  ينوء تحت ثقل آثامها وخبثها ظهر لبنان حدّ الإنكسار!

 

وهنا من الدّقيق القول أنّ صهر العهد وتيّاره فعل خلال السنوات الخمسة عشر الماضية أكثر مما كان فعله في تسعينات القرن الماضي، كلّ شيء لفظ أنفاسه لقد استيقن اللبنانيّون ذلك عندما انفجرت عاصمتهم في 4 آب، التفجير الذي استدعى حضور الرئيس الفرنسي والضغط على ماريونت السياسة اللبنانيّة كلّ واحد منهم تحرّكه ذراع تمتد من بيروت إلى طهران، وحتى لو خلعتهم دولة ما من يدها لا يتجرّأون على اتخاذ موقفاً ما أو التبديل قيد شعرة حتى لا يحلّ بهم سخطها أو تحلّ عليهم نقمتها، أخطأ السيد ماكرون كثيراً عندما ظنّ أنّ الذين «دكدكوا» أمامه هم فعلاً ديوك!!

 

قبل أشهر أعلن رئيس الجمهوريّة بأنّه «لن أترك لبنان يسقط»، نحن الآن تحت قعر القعر في السقوط، فجّرت عاصمتنا تهدّمت مناطق بكاملها، المدينة في وضع مأساوي، هبّ العالم لمساعدة الشعب المنكوب، ماذا نقول عندما نقرأ أن موريتانيا تبرعت بـ 12 طن من الأسماك فسرقوها، بعد كلّ هذا الموت والدمار لا يزالون ينهبون، وعلى هذا القياس لا يزالون يألفون الحكومات العاجلة بميزان «كرمى لعيون جبران» كي يبقى متحكماً بالبلد والحكومة وبناء السدود الفاشلة ومعامل كهرباء «مسيحيّة»، مسكين ماكرون عندما صدّق أنّ هؤلاء سيفعلون أي خير لوطنهم، مسكين لأنّه لولا أنّ حزب الله اعتبر أنّ عرض ماكرون فيه مصلحته لما سارت الأمور، ولكن هؤلاء الثعالب يعيدون عقارب الساعة إلى ما قبل 4 آب، متجاهلين أنّهم تفجّروا مع المدينة في 4 آب، وأنّ البلد دخل في السّقوط وتيتانيك الرئيس غرقت لأنّ منذ ما قبل الانفجار لا يملك خطّةً لإنقاذ البلاد، ولا حتى برنامجاً أو خطوات جديّة تدرء عن البلاد ما غرقت فيه حتى قاع الموت والانهيار!

 

في هذا الوقت المزري من تاريخ لبنان وأزماته الكثيرة ننتظر أن يجد اللبنانيون من يأخذهم على محمل الجدّ ويحترم عقولهم وأن يصارحهم بعيداً عن العناوين العامّة الواهية، أي حكومة، وأيّ رئيس حكومة كائناً من كان لن يستطيع أن يفعل شيئاً أو يغيّر حرفاً في المصير الدّاكن الذي ينتظر لبنان، المأزق الحقيقي ليس في أزماتنا المستعصية على الحلّ، أي حكومة لن يكون بإمكانها تغيير أي حرف في الواقع المالي والاقتصادي والسياسي والتربوي وكلّ ما بالإمكان حشده من قطاعات لبنان المنهارة!!

 

المأزق الحقيقي للبنان وشعبه وأزمته الكبرى هي في وضعه السياسي الذي لطالما كان معقّداً فلطالما كان هناك فريق بل «طائفة» تصرّ على اختطافه رهينة أجندات لهذه الدولة أو تلك، ظلّوا يتغنّون بالعروبة أيام جمال عبدالنّاصر حتى ابتلي لبنان بتسليح الفلسطينين بعد هزيمة العام 1967 ثمّ دفع لبنان ثمن إخراج الفلسطينيين من الأردن اتفاق القاهرة عام 1970، وكأننا لم نتحرّر من ضريبة السلاح الفلسطيني حتى شاهدنا إسماعيل هنيّة يمتطي أعناق الفلسطينيين في مخيم عين الحلوة و»خيّم الرّصاص» يدفع لبنان وشعبه والعاصمة بيروت تحديداً بخرابها ثمن الأجندة الأخطر في تاريخه وتاريخ المنطقة، أزمة لبنان الكبرى أنّه رهينة يختطفه حزب الله لمصلحة إيران، وهذا الحزب مصمّم على ربط مصيرنا بمصير محور الشرّ، والمسكين الرئيس الفرنسي ماكرون لم يقرأ حرفاً في كتاب تاريخ التقيّة الشيعيّة!