تكوّن الواقع اللبناني الدائم الاضطراب نتيجة حروب وتحولات اقليمية وعالمية من احداث جبل لبنان ١٨٦٠ وعودة الوصايات الغربية، بعد غياب طويل نتيجة الهجرة الاوروبية الى اميركا وبناء المستعمرات والانخراط في تشكيل بشرية جديدة، تاركين المنطقة لصعود الامبراطوريات الناشئة العثمانية والفارسية، وبنتيجة ثورة الاستقلال الاميركية ١٧٧٧ عادت اوروبا الى المنطقة وشرعت في تكوين المستعمرات ومجتمعات الاستقلال تحت الوصاية والانتداب وشهد لبنان ويلات واختبارات الحرب الاولى ١٩١٤-١٩١٨، حيث قضى نصف سكان لبنان من الجوع بالاضافة الى السخرة في الجيوش المحتلة الى الهجرة المكثفة نحو القارة الامريكية، انتهت الحرب الاولى في مؤتمر فرساي ١٩١٨ وكان اعلان لبنان الكبير في الاول من ايلول ١٩٢٠ كمستعمرة تحت الوصاية والانتداب الفرنسي.
استقلال لبنان 1943 جاء نتيجة توجه بريطاني باستحداث منظومة الدول المستقلة في المنطقة وتأسيس جامعة الدول العربية في ٧ تشرين الاول ١٩٤٤ عبر برتوكول الاسكندرية، وشهدت المستعمرة اللبنانية المستقلة تحولات امنية وعسكرية من حرب فلسطين عام ٤٨، ثم العدوان الثلاثي على مصر عام 56، ثم أحداث لبنان الأهلية 58، إلى الإنقلاب العسكري عام 61، وحرب اليمن 64، إلى حرب حزيران 67، وأحداث مطار بيروت 68 ، إلى إتفاق القاهرة والوجود الفلسطيني المسلح ٦٩، وايلول الاسود الاردن ٧٠ ، الى حرب ٧٣ وانتهاء حروب الجيوش العربية وجعل لبنان دولة الحرب العربية الوحيدة مع اسرئيل، الى احداث ١٣ نيسان ٧٥ والخراب الكبير والسنوات السوداء ودمار لبنان اجتماعيا وسياسيا ومدنيا وتربويا واقتصاديا وانسانيا، الى احتلال اسرائيل بيروت عاصمة لبنان عام ٨٢.
شهدت نهايات الحرب الباردة ظهور ايران الاسلامية وتعاظم التوجهات الاسلامية في المنطقة ، وحروب الخليج الاولى بين العراق وايران والثانية مع تحرير الكويت وعاصفة الصحراء بقيادة اميركا ٩١، والشروع في عملية اعادة الاعمار والانتظام ٩٢ في لبنان، ثم حرب عناقيد الغضب ٩٦ وانسحاب الاحتلال الاسرائيلي ٢٠٠٠ ،ثم الهجوم الارهابي على نيويورك ١١ ايلول ٢٠٠١ ، والحرب العالمية على الارهاب واحتلال افغانستان ٢٠٠١، ثم احتلال العراق ٢٠٠٣ واستراتيجية الفوضى الخلاقة مع تغيير بالتحالفات والصداقات الاميركية في المنطقة.
اغتيال الرئيس الحريري في ١٤ شباط ٢٠٠٥ (فتح ذاكرة الاغتيالات على ماسبق وما لحق من اغتيال رؤساء جمهورية وحكومات وقيادات روحية وحزبية ونواب ووزراء واعلاميين ومفكرين)، ثم كان الخروج السوري وتكوين تحالفات هشة وراهنة غير واعدة وغير قابلة للحياة، ثم جاءت حرب ٢٠٠٦ ثم احداث ٧ ايار ٢٠٠٨ وصـولاالى تحولات ٢٠١١ والنزاع المسلح في سوريا وتداخلاته اللبنانية وتوقيع الاتفاق النووي الامريكي الايراني ٢٠١٥ وتاثيراته على الانتخابات الرئاسية اللبنانية ٢٠١٦.
زيارة الرئيس ماكرون الى بيروت بعد انفجار المرفأ في ٤ اب ٢٠٢٠ جاءت قبل الانتخابات الامريكية وكانت نتيجتها فوز الرئيس بايدن ونهاية مرحلة العبث الامريكي في لبنان، مما ساعد على تشكيل حكومة جديدة قبل الدخول في متاهات ٢٤ شباط ٢٠٢٢ مع الحرب العالمية الاوكرانية، التي وضعت العالم والمنطقة امام تحولات شديدة الغموض والخطورة، ومن تحولاتها مسرحية ترسيم الحدود البحرية واستخفاف كافة المكونات السياسية القديمة والجديدة باستباحة محرمات تسمية رئيس الحكومة العتيدة وبالتزامن مع زيارة الرئيس الفرنسي والمستشار الالماني والرئيس الروماني ورئيس الوزراء الايطالي الى كييف يوم الخميس الماضي ولقاء الرئيس الاوكراني والذي قال في ختامها الرئيس ماكرون ومن حوله الرؤساء الاربعة ان (الاسابيع القادمة ستكون بالغة الصعوبة) واردنا ان نذكر قد تنفع الذكرى … وحفظ الله لبنان .
