Site icon IMLebanon

العقود التوظيفية مع “كهرباء لبنان”… قد تُعيد المياومين إلى الشارع!

 

حتى الآن، تبدو المؤشّرات سلبية. لا دور لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي إلّا تقطيع الوقت، ولو بأعلى الأكلاف، والهدف الأساس هو تنظيم الانتخابات النيابية. مجرّد بعض المعالجات الترقيعية التي قد تزيد الأزمة سوءاً واشتداداً. أمّا الحلول الإصلاحية، الجذرية، فمتروكة لما بعد الانتخابات. حتى أنّ مسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي مطوّق بالخلافات الداخلية التي من شأنها أن تحول دون قدرة الحكومة على الإلتزام بتنفيذ الشروط الأساسية. وها هو رئيس الحكومة يرجئ البحث بالهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، وهو شرط جوهري يفرضه المجتمع الغربي لتقديم المساعدة، بحجة الخلاف حول صلاحيات الهيئة، التي يريدها صندوق النقد، كما الإدارة الفرنسية، كاملة الصلاحية!

 

وفي سياق العمل الترقيعي، تضمّن جدول أعمال الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، بنداً ينذر باعتراضات ستواجهه حين سيُطرح في المرة المقبلة على الجلسة بعد ارجائه، نظراً لغياب وزير الطاقة وليد فياض عن الجلسة، ويتعلق هذا البند بعقود تشغيلية لمؤسسة كهرباء لبنان على نحو يتعارض أولاً مع قانون الموازنة العامة للعام 2019 القاضي بوقف التوظيف في الإدارة العامة، ولكونه سيفتح ثانياً باب اشكال جديداً مع “جيش المياومين” الذين ألحقوا بمقدّمي الخدمات.

 

اذ تبيّن أن عدداً من الوزراء يعترضون على تقديم اليد العاملة الداعمة لمؤسسة كهرباء لبنان وتقديم يد عاملة مساندة في العمال والصيانة والاستثمار في معملي الذوق والجية الحراريين، ويقدّر عددهم بنحو 700 عامل تستعين بهم مؤسسة كهرباء لبنان عبر عقود توقع مع شركات خاصة. أولاً، لأنه يحمّل الخزينة أعباء اضافية، وثانياً والأهم، أنه توظيف يعيد إلى الاذهان عمليات التوظيف التي كانت تحصل قبل الانتخابات، والتي تتحول فيها العقود الوظيفية إلى حسابات تُصرَف في العملية الانتخابية.

 

في الواقع، يتبيّن وفق المعنيين أنّ ملاك مؤسسة كهرباء لبنان يتضمن أكثر من 5000 وظيفة، فيما هي اليوم تضمّ حوالى 1400 موظف بعد إحالة عدد منهم إلى التقاعد، خصوصاً وأنّ المياومين ألحقوا بمقدمي الخدمات ولم تعد المؤسسة معنية بقطاع التوزيع، ما خفّف عنها العبء الوظيفي في هذا القطاع، ولكنها مع ذلك تعاني من نقص في المواقع الإدارية، الأمر الذي يدفع بها منذ فترة إلى الاستعانة بشركات لتأمين ما يسمى اليد العاملة الداعمة واليد العاملة الفنية، ولو أنّ بعض القوى السياسية لم تتردد في استخدام نفوذها لتمرير توظيفات سياسية ضمن هذه الشركات. ولهذا أيضاً، راسلت المؤسسة مجلس الخدمة المدنية أكثر من مرة للسماح لها بالتوظيف أو التعاقد.

 

وهذا ما أكدته المؤسسة في بيان لها أصدرته يوم أمس حين اعتبرت أنه “كما هو مبين في كتب عدة أرسلتها الى مجلس الخدمة المدنية، وكان آخرها كتابي المؤسسة رقم 4585 تاريخ 10/9/2021 ورقم 4659 تاريخ 15/9/2021، بأنها تطلب إفادتها برأي مجلس الخدمة المدنية وتوجيهاته بشأن الوضع الإداري الدقيق للجهاز البشري العامل في المؤسسة، في ظل المادة 80 من قانون الموازنة العامة رقم 144 تاريخ 31/7/2019 التي نصت على توقيف جميع حالات التوظيف والتعاقد الجديد في الإدارات والمؤسسات العامة”، مشيرة إلى أنّه “على ضوء الأجوبة التي سترد من مجلس الخدمة المدنية على كتب المؤسسة المشار اليها أعلاه، ستقوم المؤسسة باتخاذ الاجراءات المناسبة وفقاً للأصول بالتنسيق مع مجلس الخدمة المدنية والجهات الرسمية المعنية”.

 

الاشكالية وقعت حين انتهت مدة هذه العقود (تُجدد سنوياً) فيما قانون الموازنة العامة يمنع التوظيف وحتى التعاقد، وقد اضطرت المؤسسة للجوء إلى الموافقات الاستثنائية من كلّ من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة السابق حسان دياب (وقعت أكثر من مرة، وفي كل مرة كان التمديد لثلاثة أشهر)، للحفاظ على ديمومة العمل في مؤسسة كهرباء لبنان، ولو أنّ تمديد هذه العقود هو في الواقع مخالف لقانون الموازنة العامة.

 

الاشكالية الثانية التي لا تقلّ صعوبة عن تلك المذكورة، تتمثل في ردّ فعل المياومين الذين ألحقوا بشركات مقدمي الخدمات والمقدّر عددهم بحوالى 2000 شخص، بعدما تمّ تجميد نتائج المباريات المحصورة التي أجريت لهم لعدم توزانها الطائفي والمذهبي. الجديد هو انتهاء مدّة العقود الموقعة مع مقدمي الخدمات نهاية العام الحالي، الأمر الذي سيشعل فتيل اعتراض المياومين ويعيدهم إلى الشارع احتجاجاً، مع العلم أنّ كل الترجيحات تشير إلى احتمال تمديد هذه العقود لعام إضافي، لكن مجرد موافقة مجلس الوزراء على عقود اليد العاملة الداعمة والفنية، قد تثير بلبلة على طاولة مجلس الوزراء تحت عنوان “ناس بسمنة وناس بزيت”!