IMLebanon

توظيف مأساة النازحين في لعبة سياسية؟

موسم الكلام على عودة النازحين السوريين مزدهر. لا بالحوار الضروري بل بالسجال المضرّ. ولا خلاف على اعتبار العودة مسألة ملحّة بين الأمراء المختلفين في السلطة وخارجها على أمور أساسية وحسّاسة وحتى على أمور هامشية في السياسات الداخلية والخارجية. الخلاف، أقلّه في العلن، هو على مقاربة الملف المغلق عمليا منذ بدأت حرب سوريا التي دخلت عامها السابع، وبالتالي على الآلية الأفضل والأسلم لتأمين العودة.

لكن السؤال الواقعي الذي يصعب الهرب من الجواب عنه هو: هل نحن بالفعل في موسم العودة الى سوريا أم ان حسابات جديدة فتحت موسم الكلام على عودة النازحين؟ أين موقع العودة للنازحين داخل سوريا قبل النازحين الى لبنان والأردن وتركيا وسواها، على خارطة الترتيبات الموقتة لمناطق خفض التصعيد في الشمال والشرق والغرب بضمان روسي – ايراني – تركي ومنطقة وقف النار في الجنوب باتفاق أميركي – روسي؟ وعن أية تسوية سياسية قبل نهاية العام الحالي يتحدث الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا، وهو يعرف صعوبة ان تنتهي حرب سوريا قبل أن تنتهي وظيفتها ويتم توزيع الحصص والنفوذ على أصحاب الأدوار الاقليمية والدولية؟

الواقع ناطق. الأمم المتحدة التي يراهن فريق لبناني على دورها وجهودها في تنظيم عودة النازحين متمسكة بمبدأ العودة الطوعية الآمنة. وهي تكرر القول ان ظروف العودة الآمنة ليست ناضجة، وانها لا تستطيع ضمانها. والأولوية عندها حاليا هي لتخفيف معاناة اللاجئين وتحسين ظروف لجوئهم. والنظام الذي يطالب فريق لبناني بالتنسيق معه ويوحي انه مستعد لتنظيم العودة كمصلحة مشتركة لسوريا ولبنان، يعرف دقة الموضوع وحساسيته، وصعوبة ايجاد حلّ فعلي قبل نهاية الحرب. فضلا عن أن كوابيس النزوح تتحكم بأحلام العودة، سواء الى مناطق النظام أو الى مناطق المعارضين، بصرف النظر عما دفع نصف الشعب السوري الى النزوح في الداخل والى الخارج.

والنازحون ليسوا أرقاما بل عائلات وأفراد لكل منهم قصة حياة ومستقبل. وليس خارج المألوف في ضغوط الضعيف على الفقير، وعلى الرغم من المعيار الأخلاقي والواجب الأخوي والانساني، ان تثار قضايا العبء الاقتصادي والخوف الديموغرافي والخطر الأمني لجهة تغلغل الارهابيين بين النازحين. لكن الواجب الملحّ حاليا هو الحؤول دون توظيف الأوضاع اللبنانية الصعبة ومأساة النازحين السوريين في لعبة سياسية.

ومتى؟ عشيّة تغيير الدول في المنطقة وسط أقسى حروب في أوسع صراع جيوسياسي وأكبر مرحلة من التحولات في الشرق الأوسط منذ رسم حدود سايكس – بيكو قبل مئة عام.