IMLebanon

تحديات التوظيف السياسي  للنصر بعد حلب

 
الصراع الجيوسياسي في سوريا والمنطقة وعليهما أشد تعقيدا من ان تحسمه معركة حلب. لكن الأنظار كلها موجهة نحو مرحلة ما بعد حلب. أنظار المحتفلين بالنصر في موسكو ودمشق وطهران والتنظيمات الحليفة التي لعبت أدوارا على أرض المعركة. أنظار المصدومين بالهزيمة في فصائل المعارضة المسلحة والفصائل الارهابية والعواصم التي دعمتها بالسلاح والمال أو أقله بالكلام. وأنظار المراقبين العاجزين عن التأثير، ومعظمهم من الذين يركّزون على التراجيديا الانسانية ومشهد المدينة العريقة المدمرة، وسط المشغولين بالحسابات الاستراتيجية الباردة في حرارة الجحيم. والانطباع السائد هو ان أطراف النصر ليست متفقة تماما على تصورها لمرحلة ما بعد حلب، وأطراف الهزيمة ليست متفقة على القراءة في كتاب واحد وتعلم دروس المعركة ومراجعة المواقف.

لكن خطاب المنتصرين هو الأعلى صوتا. فلا أولوية عندهم تتقدم على محاربة الارهاب، وقد انضم الى هذا الشعار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب المندفعان نحو الرئيس فلاديمير بوتين. وليس ذلك بالصدفة أو في باب السهو والغلط بل سياسة كاملة الأوصاف تختصر حرب سوريا والعوامل التي قادت اليها بعامل وحيد، على أهميته، هو محاربة الارهاب. فكل طرف يرفع شعار الحرب على الارهاب، ويحقق أهدافا في أمور أخرى. ولا أحد يعرف متى نصل الى مرحلة ما بعد داعش.

 

ذلك ان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو صارح العالم في حديث مع ضباطه ان العملية العسكرية الروسية في سوريا ساهمت في تحقيق أهداف جيوسياسية عدة. من منع انهيار الدولة السورية الى كسر سلسلة الثورات الملونة التي انتشرت في الشرق الأوسط وأفريقيا. وهذا بالطبع الى جانب ضمان الوجود الروسي الدائم في قواعد جوية وبحرية في سوريا، وتجريب الأسلحة الروسية المتطورة والتسويق لها، وفرض موسكو نفسها على واشنطن وعواصم أوروبا والشرق الأوسط كقوة دولية عظمى وشريكة أساسية في ادارة النظام العالمي والنظام الاقليمي.

ولم تكتم طهران تبشيرها ب وعود إلهية، مع رمزية الصور التي ظهر فيها قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني. وأقل ما قيل بلسان نائب قائد الحرس الثوري الجنرال حسين سلامة هو ان الانتصار في حلب مقدمة لتحرير البحرين التي سيحقق شعبها أمنيته وسيسعد الشعب اليمني وسيتذوّق سكان الموصل طعم الانتصار. أما الرئيس بشار الأسد، فانه رأى الزمن يتحوّل الى تاريخ، وأكد ان الوضع السوري والاقليمي بل والدولي سيتغيّر بعد تحرير حلب.

لكن الكل يعرف ما تتطلبه تحديات التوظيف السياسي للنصر العسكري. وكل توظيف خارج التسوية السياسية للأزمة السورية وانهاء الارهاب هو وصفة لسنوات جديدة في حرب تقترب من اكمال عامها السادس.