Site icon IMLebanon

محادثات السلال الفارغة وخطوات التسويات الجزئية

محادثات جنيف السورية هي مشهد جانبي بين فصل وآخر في تراجيديا دموية تدور على المسرح السوري وتدار من الكواليس الاقليمية والدولية. وليس في الجولة السابعة سوى استمرار للدوران حول ما سمّاه الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا السلال الأربع من دون البحث الجدّي في أي منها. لا بل من دون تفاوض مباشر بين وفود النظام والمعارضة، مع انه صار أمرا عاديا في التفاوض على تسوية الصراع العربي – الاسرائيلي.

ذلك ان البحث في مكافحة الارهاب، والدستور، والانتخابات، والحكومة من دون الاتفاق على أساس التسوية السياسية هو تمارين في العبث. وما حدث ويحدث بين القوى الاقليمية والدولية في محادثات استانة وعمان وهامبورغ وسواها هو ترتيب مواقع الأطراف المحلية وداعميها الخارجيين ونفوذهم على الأرض، وليس تحقيق تسوية سياسية للأزمة السورية التي صارت حربا محلية واقليمية ودولية.

واذا كان دور دي ميستورا الواقعي هو إبقاء العملية السياسية حيّة نظريا، فانه لم يكتم القول ان التوصل الى اتفاق في جنيف يتم عندما يتيح السيناريو الدولي ذلك. وما سمح به السيناريو الدولي هو اتفاق روسيا وايران وتركيا في استانة على أن تكون دولا ضامنة لمناطق خفض التصعيد والبحث في رسم حدودها الجغرافية. وهو أيضا اتفاق الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في لقاء هامبورغ على وقف النار في جنوب سوريا والذي كان محور محادثات مباشرة بين أميركا وروسيا والأردن وغير مباشرة مع اسرائيل وايران.

وقف النار في جنوب سوريا يضع حدا لجانب في اللعبة الكبيرة تحضيرا لسيناريو فصل جديد في شرق سوريا وشمالها. فلا لدى أميركا التي تقول أكثر مما تفعل استراتيجية دخول عسكري إلاّ بشكل محدود. ولا لدى روسيا التي تفعل أكثر مما تقول استراتيجية خروج سوى ما حدده بوتين ب تقوية الجيش السوري وتحقيق تسوية سياسية، ثم الانكفاء الى قاعدتي حميميم وطرطوس. أما ايران، فانها تقاتل دفاعا عن مشروعها الاقليمي. وأما تركيا التي خسرت في مصر وسوريا الرهان على مشروعها الاقليمي مع الإخوان المسلمين، فانها تقاتل ضد المشروع الكردي.

لكن الاتفاق الأميركي – الروسي المحدود يبدو كأنه حلمان في سرير واحد حسب القول الفرنسي. فما تحتاج اليه سوريا، في رأي ترامب، هو عملية سياسية تعطّل دور ايران وتعرقل تقدم المنظمات الارهابية. وما يريده بوتين هو توزيع الحصص على القوى الاقليمية والأطراف المحلية، بعد مشاركة الجميع في محاربة الارهاب، وضمان مشاركة روسيا لأميركا في قضايا العالم.

والغائب هو ما يحتاجه السوريون.