Site icon IMLebanon

تطويق قوى الأمن الداخلي لتطويعها؟

إذا كان ما شهدناه خلال الأيام الماضية في ملف سجن روميه، استهدف وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي صد الهجوم بدفاعات من عنده، ومن الرئيس سعد الحريري، فإن ما حدث أصاب كثيرين من وزير العدل أشرف ريفي الى “تيار المستقبل” وصولاً الى مؤسسة قوى الأمن الداخلي، وتحديداً شعبة المعلومات فيها.

ويتركز الاهتمام عندنا على مؤسسة الجيش كقوة ضاربة ومؤسسة جامعة لم تدخلها حسابات السياسيين والاحزاب والطوائف، أقله في العلن، ويتجنب كثيرون الخوض في ملفاتها، ويمتنعون عن انتقادها، خصوصاً في الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد، إذ لنا مصلحة كبرى في احتضان المؤسسة العسكرية والمحافظة عليها، بإجماع وطني.

لكن الاهتمام بالجيش، لا يعني أبداً، إهمال بقية المؤسسات الأمنية من قوى أمن داخلي وأمن عام وأمن الدولة، وتصنيفها في مرتبة أقل، أو في الاقفاص السياسية والمذهبية، لأن لنا مصلحة في تقويتها ودعمها لتقوم بواجباتها على أكمل وجه، والدفع في اتجاه التنسيق في ما بينها، لتتمكن معا من مواجهة الارهاب الآتي الينا من كل صوب.

واذا كانت اخبار الجيش ليست في المتناول، لأن لا احتكاك مباشراً للعسكر بالناس، فان التعامل اليومي المباشر مع رجال القوى الأمنية يستولد قابلية أكبر للخطأ والخطيئة معاً، وللرشاوى والتدخلات والوساطات وغيرها. لكن هذه الأمور، على فداحتها أحياناً، لا تنفي الحاجة الى تلك الأجهزة وإلا وجب حلّها وتسريح عناصرها.

من هنا يصبح التعامل مع الأخطاء التي تُرتكب من حين الى آخر، كحوادث فردية، واجباً وطنياً، لعدم اضعاف المؤسسات، ولنزع فتيل التفجير الذي ربما يكون قد أعدّ لها باحكام، خصوصاً متى أصاب فروعاً وشعَباً تثير دوماً اللغط حولها كمثل شعبة المعلومات.

ولا يدفع هذا الكلام الى التغاضي عن الاخطاء، بل ان النقد للإصلاح ضروري لانتظام عمل المؤسسات السياسية والامنية، لكنّ ثمة فارقاً كبيراً ما بين الانتقاد البناء والملاحقة الدائمة وتسليط الضوء على الارتكابات، وبين المضي في خطط لتدمير المؤسسات الامنية، وشلّ عملها، ومحاصرتها، لتطويقها وتطويعها، خصوصاً في ظل الصراع المستفحِل ما بين افرقاء يخدمون مصالح غالباً ما تتجاوز حدود البلد الصغير.

أما الصمت عن تلك الارتكابات فهو خطيئة مميتة، يذكّرنا بشعارات الانظمة العربية الديكتاتورية على مدى أكثر من سبعين عاماً، اي منذ قيام اسرائيل، التي منعت كل حراك داخلي، وكُمّت كل الاصوات المعترضة والاصلاحية، بذريعة ان كل شيء مسموح في المواجهة مع اسرائيل، الى حين تحرير فلسطين. لكن القدس لم تُستعد، والفساد نخر تلك الانظمة، فزالت أو تمضي الى تفكك.

لذا من الضروري الدفاع عن قوى الأمن الداخلي حالياً وتحصينها، من دون إهمال المحاسبة.