لا يختلف اثنان حول فكرة ان اللقاءات الجارية بين حزب الله والمستقبل سرقت الكثير من الأضواء من اي لقاءات او اجتماعات اخرى، وقد يكون المقصود المباشر بهذا الكلام اللقاءات الثنائية التي تعقد في الرابية او في معراب لممثلي التياريين المسيحيين في غياب او حضور في بعض المرات لعون او لسمير جعجع بدون ان يلتقي الزعيمان المسيحيان بعد مكتفيان بتبادل رسائل الود «الطائرة» من معراب الى الرابية وبالعكس وعبارات ومواقف وهدايا رمزية في بعض الاحيان، بانتظار الحدث الكبير الذي يمكن ان يحصل في اي وقت ويجوز ايضاً ان لا يتم اذا لم تكن نتائجه مثمرة للملف الرئاسي او منتجة مسيحياً بشكل اساسي. صحيح انها لقاءات الضرورة بين حزب الله والمستقبل لتحصين الوضع الداخلي وتمتينه في مواجهة الارهاب المتربص بالوطن لكنها اكثر جاذبية من اي اجتماعات اخرى، فالواضح كما تقول اوساط سياسية مطلعة ان تجربة المستقبل وحزب الله تبدو اصلح من تجربة الزعيمين المسيحيين، فسمير جعجع وميشال عون حاولا في السابق ان يلتقيا ولم يحصل ذلك، وتاريخهما شهد محطات تقارب لم تنته الى نهايات مشجعة، ومن جهة اخرى فان تجربة كل من الزعامتين بالانفتاح على الفريق السياسي في الجهة المقابلة لم تصل الى بر الامان وهذا ما يصح على تقارب المستقبل والرابية الذي توقف فجأة كما على علاقة الرابية بالمختارة، في حين توصد كل ابواب 8 آذار في وجه معراب.
بكركي من جهتها تبدو مغيبة بالكامل عن حوار الزعيمين المارونيين تؤكد الاوساط وهي التي دعت وحاولت ان تجمع الزعماء الموارنة في اكثر من محطة قبل وقوع الفراغ الرئاسي بدون ان تتمكن من تحقيق اي خطوات في هذا السياق. فالواضح وما لا لبس فيه كما تقول الاوساط ان ترتيب الحوار واللقاءات الثنائية بين فريقي القوات والتيار الوطني الحر لم تضطلع بكركي باي دور يذكر فيهما بل ان اللقاءات جرت بعيداً عن بكركي وبدون رعايتها او الحصول على مباركتها. وهي التي سعت الى لقاء ومصالحة المسيحيين وابعاد شبح الفراغ عن الرئاسة الاولى، ومرد تحييد او تهميش بكركي يعود الى علاقة الثقة المفقودة بين الطرفين او بين الزعيمين والصرح، بعد ان بات واضحاً ان سيد الصرح يحملهما وحدهما مسؤولية تراجع الوضع المسيحي وما اصاب كرسي الرئاسة، اضافة الى المسؤولية الكاملة عن تراجع التمثيل المسيحي في الدولة وما حصل للمسيحيين في الادارات العامة. فالراعي أطلق صرخته التحذيرية للأقطاب وكان السباق في فتح البازار الرئاسي على مصراعيه ليتفق الموارنة قبل ان يحين موعد الاستحقاق، وسيد بكركي يأسف وهو يرى «موارنة رعيته» الأقوياء يحاولون الاستفاقة متأخرين على مصير الرئاسة وبعد انطلاقة الحوار بين الخصمين الاساسيين حزب الله والمستقبل.
وقد ثبت ان القيادات المسيحية من معسكري 8 و14 آذار بدأت تشعر و تدرك ان الفراغ الرئاسي واقع عليها وحدها بحسب الاوساط وان شركائها غير المسيحيين هم الأقل تضرراً وخسارة، فلا المستقبل يبدو متاثراً وتحت وطأة الفراغ مثل المسيحيين ولا شركاء الرابية في 8 آذار يشعرون بالضغوط نفسها لزعيم الرابية. . فحتى الساعة لم تفقه بعض القيادات المارونية ان ثمة «فيتوات» تقف حائلاً ولم تسقط على مشروع ترشيحها وان ثمة من يعمل ولا يزال في الظلام والكواليس لقطع الطريق على الأقوياء قبل بلوغ قصر بعبدا، وعلى قاعدة ان ما رسم قد رسم وان الاستحقاق ينتظر السيناريو الذي اعده صناع القرار والفاعلون في الاستحقاق الرئاسي.
وبنظر الاوساط فان لقاء عون وجعجع اذا حصل يحمل طابع لقاء الضرورة لعدة اسباب ومعطيات وهدفه تفادي الإحراج المسيحي ولدى الرأي العام بعدما ذهب الخصمين الكبيريين في تيار المستقبل وحزب الله رغم كل الملفات العالقة والخلافات الى حوار حقيقي لن تكون الكرسي الأولى بعيدة عن احداثه. إلا ان الحوار على ما يبدو إذا لم ينتج رئيساً فانه سيستجلب النقمة المسيحية على معراب والرابية. والى ذلك الحين يبقى الرهان لدى كثيرين ان لا يقدم اللقاء اي تطورات او اختراق ايجابي في الملف الرئاسي بقدر ما سيكون عليه من محاولة رفع الصوت ولفت نظر الحلفاء في المستقبل وحزب الله الى معادلة «الامر لي» في الملف الرئاسي وان مصير الكرسي المسيحي لا يقرره الا المسيحيون وحدهم.