من الأمثال الشامية المعبّرة واحد يقول: العرس في حرستا والطبل في دوما. الآن تلحق دوما ببقية البلدات في غوطة دمشق حيث موسم الجنازات. والسيناريو واحد، من حلب الى الغوطة مرورا بالقلمون ومناطق أخرى: موسكو تشارك في القصف، وتحشر المسلحين بخيار الاستسلام أو الموت، ثم تفاوضهم وتضمن خروجهم مع عائلاتهم الى ادلب أو أية بقعة لا تزال تحت سيطرة المعارضين. والعواصم التي خاضت معاركها بالوكالة عبر المسلحين ورفعت منسوب الأحلام في رؤوسهم، يعقد بعضها صفقة مقايضة مع الروس، ويصمت معظمها.
وهذا ليس بالطبع الفصل الختامي في حرب سوريا التي دخلت عامها الثامن واستهلكت الكثير لدى كل الأطراف فوق دمار العمران وتخريب النسيج الوطني الاجتماعي. غير انه رمز مهمّ الى نهاية مرحلة في الحرب: مرحلة الرهانات على إسقاط النظام بالقوة، سواء لدى المعارضين المعتدلين أو المتشددين الارهابيين التكفيريين أو العواصم العربية والدولية التي حملت عنوان أصدقاء الشعب السوري. فلا مسرح لمقاتلة النظام. ولا دور للمسلحين الذين يتم تكديسهم في ادلب، إلاّ اذا كان التقاتل بين فصائلهم هو الدور الباقي لهم والذي مارسوه في أية حال.
والسؤال، بعدما انتهت عمليا حرب اسقاط النظام، هو: هل هناك بالفعل، لا بالسياسات المعلنة في جنيف واستانة وسوتشي، فرصة لتسوية سياسية بين النظام والمعارضين الذين ذهبوا الى المحادثات غير المباشرة معه تحت اشراف الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا ورعاية أميركا وروسيا في ظلّ الثلاثي الروسي – الايراني – التركي؟ والجواب سلبي بالقياس على التجارب. فلا أحد يتوقع ان يعطي النظام وهو قوي، ما رفض اعطاءه عندما كان ضعيفا ومهددا بالسقوط قبل أسابيع من التدخل العسكري الروسي باعتراف موسكو وطهران. ولا ما يحكم المفاوضات خلال الحروب وبعدها هو نصوص القرارات الدولية بعيدا من موازين القوى.
والمرحلة الحالية ليست مرحلة الانتقال من التسليم ببقاء النظام الى تركيز الجهود على التسوية السياسية بين السوريين. فالأولوية هي لنوع من التسوية الاقليمية والدولية الموقتة عبر ترتيب مناطق النفوذ بين روسيا وأميركا وايران وتركيا، وهو ترتيب لم يكتمل بعد، ويدار على البارد والحامي ضمن تفاهمات وألعاب بعضها فوق الطاولة وبعضها الآخر تحتها. فلا الخرائط جاهزة لوضع اللمسات النهائية في قمة أنقرة بين الرؤساء فلاديمير بوتين وحسن روحاني ورجب طيب أردوغان. ولا اعلان الرئيس دونالد ترامب عن سحب القوات الأميركية قريبا من سوريا هو نقطة في نهاية سطر اللعبة الأميركية. ولا اسرائيل خارج اللعبة الأميركية والتنسيق مع روسيا في ما يتجاوز اقتراب ايران من الحدود جنوب سوريا.