بقاء سلاح الحزب خارج سلطة الدولة محفوف بالمخاطر ولن يستمر
يدخل لبنان بعد دخول اتفاق وقف اطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله موعد التنفيذ، المتوقع خلال ساعات مرحلة جديدة ومفصلية, بعد حرب استمرت قرابة الثلاثة عشر شهرا, وقد تكون من اطول الحروب المتواصلة التي مرت عليه، ضمن سلسلة الحروب التي تعرض لها منذ بدء الصراع العربي الاسرائيلي، وقد تكون الاعنف، بالاسلحة التدميرية والالكترونية، والطائرات الحربية الحديثة, التي استعملت فيها من جانب العدو الاسرائيلي، واستهدفت قيادات بارزة بالحزب ومواقع ومراكز حزبية
بعيدة بالداخل اللبناني، وادت إلى سقوط الاف الضحايا والجرحى، وتدمير واسع النطاق في العديد من المدن والقرى، ولاسيما في الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع وبيروت، وتهديم المنازل والممتلكات على طول الحدود اللبنانية الجنوبية، واحتلال جزء من الاراضي اللبنانية المتاخمة للحدود.
أبرز نتائج الحرب التي اشعلها حزب الله من جانب واحد بمعزل عن موافقة الدولة والشعب اللبناني، بذريعة دعم الشعب الفلسطيني بمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزّة، واقتصرت في مراحلها الاولى على حصر المواجهة العسكرية على الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل، والمناطق المحاذية، وتوسعت لتشمل مناطق ومدن وقرى بالداخل اللبناني، سقوط ذريعة وجود سلاح حزب الله الايراني، لحماية لبنان من العدو الاسرائيلي، خارج سلطة الدولة اللبنانية، بعدما استعمل هذا السلاح خدمة لمشاريع النفوذ الايراني على حساب المصلحة الوطنية العليا، ان كان في حرب إسناد غزّة، وقبلها في الحروب المذهبية والهيمنة في سوريا والعراق واليمن، بقرار ايراني صرف, وبمعزل عن ارادة الدولة اللبنانية ومصالحها,وفشل حتى في حماية الحزب نفسه، وتسبب بدمار وخراب واسع النطاق على طول الاراضي اللبنانية وعرضها، وتهجير أكثر من مليون لبناني من مناطقهم، وهدد مرتكزات الدولة اللبنانية ووجودها.
ثانيا، استحالة احتفاظ حزب الله بسلاحه الايراني بالداخل اللبناني، بعد سحبه من الجنوب بموجب اتفاق وقف اطلاق النار، لانتفاء كل إلاسباب, التي حالت دون اخراجه من لبنان، او وضعه تحت سلطة الدولة اللبنانية، بعدما استعمل مرارا بالاستقواء على اللبنانيين، ان كان بالاغتيالات السياسية، والهيمنة على الواقع السياسي، واثارة الفتنة الطائفية والمذهبية، واستنزاف موارد الدولة، واقامة مؤسسات رديفة، والمشاركة الفاعلة في مشروع الهيمنة الايرانية على المنطقة كلها، واستعداء الدول العربية الشقيقة، وعزل لبنان عنها.
تتطلب المرحلة الجديدة، الاخذ بعين الاعتبار، كل الاخطاء والتجاوزات والاساليب الملتوية، التي ادت الى النتائج الكارثية الناجمة، عن حرب المشاغلة التي اشعلها حزب الله ضد إسرائيل، وتجنب تكرار الوقوع فيها مجددا, وهو مايقتضي التشبث أكثر من أي وقت مضى، انضواء جميع القوى بمشروع الدولة، الذي يتسع لجميع اللبنانيين، باعتبار الدولة اللبنانية، بقواها العسكرية والامنية كافة، هي الضامنة لامن وسلامة جميع اللبنانيين من دون استثناء، و القادرة على المحافظة على الوطن أمام كل المخاطر المحدقة به.
كما يتطلب الواقع، التنبه لعدم استغلال خرق تنفيذ القرار الدولي رقم ١٧٠١، وتكرار تجربة تسهيل توريد السلاح والاعتدة والمستشارين الإيرانيين الى لبنان، كما حصل خلال العقود الماضية، لابقاء لبنان ساحة مستباحة للمصالح الايرانية، مايعرض لبنان واللبنانيين كلهم لمخاطر الاعتداءات الإسرائيلية وتخريب وتدمير لبنان من جديد.
تضع المرحلة الجديدة، لبنان واللبنانيين جميعا، امام مخاطر وتحديات عديدة، وتفرض عليهم أكثر من أي وقت مضى، التلاقي والاتفاق على الثوابت الاساسية، التي تعيد تفعيل الحياة السياسية، التي صودرت بقوة السلاح غير الشرعي لحزب الله، طوال المرحلة الماضية، والتزام الدستور المنبثق عن الطائف، وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية، واعادة النهوض بالدولة, بكل تركيبتها، لما فيه مصلحة لبنان كله، والكل امام فرصة مهمة، للتنازل عن الأنانية، والعمل معا، لتحقيق هدف اساس وهو انقاذ لبنان من النكبة التي حلت به.