ما الذي قد يريده المواطن اللبناني بين نهاية عام وبداية عام آخر؟ لا يطلب أي لبناني أكثر من السّتر، أمام حال لبنان وسياسات العهد التي لا تجيد إلا فنّ الانتحار ونحر البلد والشعب، لا أحد يستطيع أن يدّعي أنّه يملك رواية أو تصوراً للأيّام المقبلة فلا أحد في هذا البلد يمتلك حلاً حتى الذين منوطة بهم مسؤولية أن يتفرّغوا لإيجاد الحلول!
ما الذي يريده كلّ الذين اجتمعوا على أمر واحد هو إذلال اللبنانيّين وأوّلهم حزب الله أو ذراع إيران في لبنان وإن عميت عنها وعن احتلالها عينا رئيس الحكومة المعطّلة بقدرة حزب الله وشريكه في الثنائي،فالحزب يسعى لتركيع اللبنانيين بممارساته التي أوصلت إلى تدمير البلاد وأوّلها تعطيل الحياة السياسيّة متنقّلاً ما بين منع انتخاب رئيس للجمهوريّة وبين تعطيل انعقاد المجلس النيابي وبين منع تشكيل حكومة أو منع انعقادها، ويلي حزب إيران العهد الذي فرضه هذا الحزب على كلّ الفرقاء في لبنان فإمّا انتخابه المسمّى من قبل مرشد الجمهورية بوصفه “ممثّل مسيحيّي المشرق” ـ وهي تسميةٌ تُنكر على المسيحيّين انتماءهم العربي ـ أو لا رئيس للبنان، هذا العهد الذي يسيطر على لبنان منذ سبعة أعوام ونيّف بينها عامان ونصف من التعطيل أيضاً يريد تركيع اللبنانيّين وهذا ليس بجديد عليه فهذه سياسته منذ دخل الحياة السياسية ومنهجه فيها تدمير أيّ وكلّ شيء لتحقيق مآربه الشخصيّة!
هذا العهد أدخلنا في أزمات احتراق ومحارق، أدخلنا أزمة أخلاقية سياسية وإنسانية كبرى في هذا البلد، المشهد السياسي بات مُرهقاً جداً ويضع اللبنانيين تحت وطأة إجهاد وضغط شديد، إلى أين يريدون أن يأخذوننا بعد؟ لقد تعب اللبنانيون من هذا الواقع الذي يزداد قتامةً،في أسوأ أيام الحرب لم تكن الناس غارقة في الذلّ إلى هذا الحدّ في جريها خلف المعايش وهموم تأمين اللقمة لأطفالها والدواء والكساء ودفع شرور الوباء ، في مواجهة طبقة سياسيّة تعيش في غيبوبة، فلا هي ترحم ولا تريد لرحمة ربّنا أن تنزل على هذا الشّعب المسكين!
إذا أمعنا التفكير في حال الشعب اللبناني ونحن منه نكتشف أنّه ليس في خططنا النزول إلى الشارع أو التظاهر أو سواها إذ يغلب على اللبنانيين الاعتصام بالصبر وليس الخذلان أو الاستسلام، ربّما علينا مراجعة ما عاناه اللبنانيّون منذ العام 1975 لنفهم أنّهم معتصمون بالصبر والصمت، بل معتصمون بالصبر الجميل، وهم مدركون تمام الإدراك أنّ مفاتيح التغيير ليست في أيديهم وأنّ تركيبة البلد لا تسمح بالتغيير إلا عبر العمليّة الإنتخابيّة وهي وإن تمّ تحديد موعدها في أيّار العام 2022 فلا تزال بعيدة وغير واضحة المعالم لأنّ نفس الطبقة السياسية العفنة هي التي تفصّل القوانين الإنتخابية على قياسها، فمن أين سيأتي التغيير؟!
حتى الآن المشهد اللبناني لا يُصدّق، مشهد ضبابي مخيف لا يستطيع أحد معه أن يقرأ تحوّلات الأحداث المقبلة على لبنان وحده الله يعلم ما تخفيه الأيام المقبلة عن اللبنانيين، اللعبة أقفلت في وجه اللاعبين، كلّ الأفرقاء تضافرت جهودهم لإيصال البلاد إلى هذه اللحظة وكلّهم سيتورّطون في الفوضى والانزلاق إلى الاضطرابات التي ستهزّ أمن البلاد الهشَ متى عادت التظاهرات قريباً جدّاً إلى الشّارع.