IMLebanon

العدو يفعل عمل غواصاته مقابل السواحل اللبنانية

من ابرز الدروس المستخلصة من حرب غزة الاخيرة، قدرة «حماس» على التعامل مع البيئة العسكرية البحرية من خلال تمكنها من المهاجمة والتسلل عبر البحر باتجاه المواقع العسكرية الاسرائيلية. امر لم يكن ممكنا لولا دعم حزب الله وتدريبه لقوات حماس الخاصة وتجهيزها بحسب تقارير امنية اسرائيلية، مفاجأة لم تكن اقل وقعا من القدرة الصاروخية لحماس، كما لاكتشاف نجاح حزب الله في تمرير اسلحة «نوعية»، ما دفع تل ابيب الى تعزيز وسائل جمعها للمعلومات الاستخباراية، حيث يلعب سلاح البحر دورا مستجدا على هذا الصعيد.

قائد سلاح البحر السابق اللواء أليعازر ماروم اول من لفت الى اهمية سلاح البحر، خارقا غلاف نشاطاته الروتينية مظهرا للمؤسسة الأمنية أنّه من المياه «يمكن تنفيذ نشاطات لا نجرؤ حتى على التفكير بها». في الواقع، يتوقع العدو الاسرائيلي من سلاح البحر إظهار تفوّق بحري، بتقديم المساعدة في معركة مشتركة مع سلاح الجوّ والقوات البرية، حماية السواحل، حتى في حالة الروتين تنفيذ نشاطات هادئة والمسماة «المعركة بين الحروب»، بما في ذلك التعاون مع الموساد.

لكن قائد سلاح البحر الحالي ضاعف وتيرة كلّ ما هو مرتبط بنشاطات خاصة، ارتفعت وتيرتها بشكل لافت، بلغت ذروته عام 2016، حيث قام سلاحه بنشاطات خاصة لم يقم بها في السابق من ناحية أساليب العمل ومناطق العمل الجيوغرافية، مع اتساع مجال عمل الغواصات. فالغواصة الخامسة رست في مرفأ حيفا مطلع العام 2015 والغواصة السادسة ستصل بعد عشر سنوات.

فالوحدات في سلاح البحر عملت على الدوام بعيداً عن حدود الدولة ودون إثارة جلبة وبالنسبة لهذه الوحدات لا يهم من يصدر العملية إلى حيز التنفيذ ومن هي القيادة المعنية. قائد سلاح البحر يقود أسلوباً فحواه ممنوع الإصرار على هذا، «نحن نتحدث عن الكثير من الدمج بين الأذرع، الكثير من العمليات مع وحدات أخرى كسلاح الجوّ، القصة هنا هي بالتضامن وليس بمن يغرس أول علم على سطح القمر».

في هذا الاطار، كشفت صحيفة «ميكور ريشون» ومجلة «إسرائيل ديفنس»،عن أن الجيش الإسرائيلي كثّف من استخدام الغواصات في جمع معلومات استخبارية عن أهداف في لبنان وسيناء، حيث انها تؤدي دوراً مركزياً في جمع المعلومات عن أهداف لحزب الله، متمركزة في عمق البحر قبالة السواحل اللبنانية والسورية، مراقبة نقل السلاح لحزب الله على اليابسة، بعدما بدل الحزب من تكتيكاته معتمدا الحدود الشمالية بابا لتمرير السلاح، كما تتمركز قبالة سيناء وتراقب نقل السلاح لحركة حماس في قطاع غزة، مساعدة وحدة الكوماندوس البحرية الإسرائيلية المعروفة بـ «القوة 13» على تنفيذ مهامها عندما تحين المواجهة المقبلة مع الحزب والحركة.

وبحسب التقارير الامنية الاسرائيلية، فان الغواصات أدت دوراً في رصد تحركات نقل السلاح الإيراني لحزب الله وحماس عبر البحر عن طريق السودان، علما ان الجبهة البحرية اللبنانية هي صاحبة الحصة الاكبر التي يتم توظيف الغواصات فيها لجمع معلومات استخبارية عنها، وبشكل خاص «المعلومات المصوّرة»، حيث تنطلق من القاعدة البحرية في ميناء حيفا، وتراوح مدة تنفيذ مهامها بين عدة أيام وعدة أسابيع.

ففي اسرائيل، تضيف التقارير، تعد الغواصات أكثر وسائل جمع المعلومات الاستخبارية السرية ذات الطبيعة الخاصة التي لا يمكن الحصول عليها بوسيلة أخرى، وقدرتها على العمل في ظروف بالغة الصعوبة، لا تتأثر بالأحوال الجوية كما تتأثر بذلك الطائرات من دون طيار ووسائل جمع المعلومات التي تعمل في الجو، إضافة إلى إسهامها في جمع المعلومات التي تساعد دوائر صنع القرار على اتخاذ قرارات مهمة.

من هنا يتضح أن الغواصات لا تجمع المعلومات فقط لصالح سلاح البحرية، بل لصالح سلاح الجو، وفق ما تقوله التقارير الاسرائيلية، وشعبة الاستخبارات العسكرية وقيادات المناطق والفرق في الجيش الإسرائيلي. اشارة الى ان اسرائيل تمتلك خمس غواصات ألمانية من طراز «دولفين» ويُذكر أن الغواصات تشارك في تنفيذ هجمات على أهداف محددة خلال الحروب والحملات التي يشنها الجيش الإسرائيلي. فقد أشارت وسائل إعلامية أجنبية، إلى أن غواصة إسرائيلية من طراز «دولفين» أطلقت قبل عامين ونصف عدة صواريخ على مخازن سلاح في منطقة اللاذقية شمال سوريا.

هذه المعلومات التي اوردتها التقارير الاسرائيلية، ترافقت مع كشف الجيش الاسرائيلي ان وحدة السفن الحربية 914 في سلاح البحرية كثفت تدريباتها، ومن ضمنها اطلاق صواريخ «غيل»، بعد تعديله وتثبيت مساره لاصابة اهداف متحركة، واستخدام مدافع تايفون في قصف اهداف برية، بالتنسيق مع القوات البرية، لفتح الطريق امام الكتائب التي ستناور داخل لبنان، على امتداد الشاطئ، لضمان نجاح هدف الجيش في اجتياح لبنان، اذا وقعت حرب مفاجئة. اعلان كانت سبقته مناورات بحرية متعددة استخدمت فيها وسائل قتالية حديثة من بينها مراكب بحرية مسلحة غير مأهولة، فضلا عن انشاء وحدة بحرية خاصة لحماية المنشآت النفطية البحرية من ضمن خطة تحديث سلاح البحرية كذراع اسرائيل الطويلة بعد سلاح الجو واسطول غواصات الدولفين الالمانية على حدّ ما جاء في التقارير الامنية الاسرائيلية.

ما عدا القصص المحكية عن سفينة نوح وابتلاع الحوت ليونس النبي، لا يوجد في إسرائيل أخلاق بحرية. مع ذلك، يدركون في هيئة الأركان العامة أنّ الأمر يتطلب تفكيرا مغايرا عمّا كان متّبعا حتى الآن في كلّ ما يتعلق بسلاح البحرية. فالساحة البحرية في الشرق الأوسط تغيّرت بشكل ملحوظ منذ حرب لبنان الثانية. سلاح البحر استخلص العِبر، حدّث مفاهيم التشغيل ورفع من مستوى كفاءته، لكن في المقابل حتى «العدو» لم يبقَ على حاله.