في خلال 48 ساعة يصل إلى لبنان الوسيط الأميركي في عملية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل آموس هوكستين، ويأتي تحركه على إثر الضجة التي أثارها لبنان على خلفية رسو السفينة energean power فوق حقل كاريش للبدء باستخراج النفط والغاز، في منطقة يعتبرها الجانب اللبناني متنازعاً عليها مع إسرائيل بسبب وجود جزء من حقل كاريش شمال الخط 29.
الهدف الرئيسي من هذه الزيارة هو استئناف مفاوضات الناقورة غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل وفق إتفاق الإطار، ولكن هذا الإستئناف يفترض أن تسبقه خطوات أخرى توضح المسار والتوجه اللبناني. ففي البداية يفترض أن يبلغ الجانب اللبناني آموس هوكستين بالرد الرسمي على مقترحه المتعلق بالخط 23 والذي أَدخل عليه تعرجاً يعطي لبنان حقل قانا ويقتطع في المقابل جزءاً من البلوك رقم 8، ولن يكون الرد اللبناني على شكل رفض واضح ومباشر بل هو كناية عن طلب استفسارات وتوضيحات.
هذا الرد سيرفق أيضاً بطلب لبناني لاستئناف المفاوضات شرط أن توقف إسرائيل كل الأعمال التي تقوم بها في حقل كاريش،علماً أن لبنان الرسمي لن يطرح مسألة الخط 29 وتعديل الحدود البحرية بشكل مباشر ولكنه سيشدد على أن الخط 23 هو خط تفاوضي ويمكن له أن يتمدد جنوباً، إذا كان القانون الدولي وقانون البحار والسوابق في ذلك تعطي المزيد من الحقوق للبنان. في المقابل سيحمل هوكستين رسائل أميركية واضحة وأولها التحذير من أي عمل عسكري يقوم به «حزب الله» ضد إسرائيل لأن العواقب ستكون وخيمة ولا قدرة للبنان واللبنانيين على تحملها، كما سيرفض أي شروط مسبقة لاستئناف المفاوضات، متمنياً على الجانب اللبناني الالتزام باتفاق الإطار، ولافتاً إلى أنه مهما كانت الخطوط التي يطرحها لبنان فهي لن تكرس ولن تظهر الحقوق اللبنانية إلا من خلال اتفاق يتم التوصل إليه عن طريق المفاوضات.
لو ترك الأمر للبنانيين من أجل تحريك ملف التفاوض على الحدود البحرية والاستفادة من ثروات النفط والغاز لكان الأمر امتد سنوات وسنوات والتجارب السابقة خير دليل على ذلك، وما على اللبنانيين إلا أن يشكروا شركة energean اليونانية التي حركت بسفينتها مياه التفاوض الراكدة، ولا بدّ للبنانيين أن يستغلوا هذه اللحظة من أجل تكريس ما هو ممكن ومحق من حقوق، لا أن يضعوا سقوفاً خيالية تغني اللبنانيين بآبار «الكرامة» ولكنها تزيد في المقابل على فقرهم فقراً.