Site icon IMLebanon

خسارة مدوّية للأحزاب في «المهندسين»: «النقابة تنتفض» فتنتصر

 

 

حصل ما لم يكن متوقّعاً، إذ حقّقت «النقابة تنتفض» فوزاً كاسحاً في انتخابات نقابة المهندسين أمس بفوز 221 من أصل 232 مرشحاً ومرشحة إلى هيئة المندوبين، بالإضافة إلى فوز 3 لوائح كاملة مؤلفة من 15 مرشحاً ومرشحة إلى الفروع الثلاثة. ولم يفلح تكتّل الأحزاب إلّا في تحقيق خرق يتيم بربح لائحتيْ المندوبين والـ5 مرشحين إلى فرع المهندسين العاملين في القطاع العام. وإذا كانت هذه النتيجة سابقة في تاريخ نقابة المهندسين، فإنّها تُعدّ مؤشراً جديداً على أن جزءاً كبيراً من اللبنانيين كفروا بأحزابهم. منذ 17 تشرين الأول 2019، ثمّة مزاج عام معارض للأحزاب التي شاركت في السلطة، يتّسع شعبياً، في النقابات والمهن الحرة على وجه الخصوص. وقد جرى التعبير عنه في صناديق نقابة المهندسين أمس

 

 

زحمةٌ خانقة عند الطريق المؤدّية إلى نقابة المهندسين في بئر حسن ببيروت. هذه الطريق تحوّلت إلى شارع انتخابي مُقفل من قبل عناصر قوى الأمن الداخلي. خيمٌ موزعة في كلّ مكان، حتى إن الكافيتيريا القريبة من النقابة صارت مكاناً لعمل الماكينات الانتخابية. مندوبون داخل الخيم ينكبّون على لوائح الشطب والحواسيب لمساعدة الناخبين الذين كان عددهم 8008 مهندس، بالتأكّد من ورود أسمائهم وإعطائهم اللوائح وإرشادهم إلى رقم الصندوق المخصص للاقتراع. مندوبون عن الأحزاب والمعارضة في كلّ مكان، وصولاً إلى باحة النقابة.

التنظيم في أوجه؛ خرائط تُسهّل الوصول إلى الصناديق الـ 17 الموزعة في موقف السيارات التّابع للنقابة، بطريقة تُحافظ على إجراءات التباعد الاجتماعي. لكلّ صندوق مندوبوه وغرفته الخشبيّة المُغطاة بستارٍ عازل لحفظ سريّة الاقتراع.

لا إشكالات تُذكر. المارّون يسمعون أصوات الشبّان التي تصدح في المكان: «يلا ثوري يا بيروت». الغلبة واضحة لفئة الشباب الذين يتوجّهون بغالبيتهم نحو الخيمتَين التابعتَين لـ«النقابة تنتفض»، تماماً كما الغلبة لمندوبي ماكينة «النقابة تنتفض». صحيح أنّ هذا الائتلاف لم يكمل عامه الثاني داخل نقابة المهندسين، إلّا أنّ تنظيم ماكينته الانتخابية يبدو مميزاً. هؤلاء ارتدوا زيّاً موحّداً، عكس مندوبي الأحزاب الباقية.

أما داخل خيمة ائتلاف «مهندسون مستقلون» و«لنا النقابة المستقلة»، فيبدو المشهد مُغايراً عن الخيم الأخرى: سندويشات موضوعة داخل «كرتونة» طُبع عليها اسم أحد أهم المطاعم اللبنانيّة، بالإضافة إلى مستوعبات لفرز النفايات. ينفي المندوبون عنهم تهمة تلقّي الأموال من بهاء الحريري، لافتين إلى أنّها «شائعات مغرضة». أمّا عن مصدر الأموال، فيختلف هؤلاء بين من يقول إنّهم جمعوا الأموال من بعضهم بعضاً، قبل أن يشير أحدهم إلى أنّها من نعمة افرام الذي رشح 10 مهندسين على لائحة «المهندس أولاً».

 

الأحزاب: مع التشطيب

لا يبدو أن «النقابة تنتفض» مُكترثة لما يحصل في الخيم الأخرى، فيما مندوبو الأحزاب غير راضين عن بعضهم البعض. المشهد السياسي العام أثّر بشكل مباشر على انتخابات النقابة، ما جعل تكتّل أحزاب السلطة أكثر هشاشة. هذا ما يبدو واضحاً من خلال اللوائح الموزعة وتصريحات مسؤولي الماكينات الانتخابية. إذ إنّ القوات اللبنانية التي تدّعي أن مرشّحيها منفصلون عن باقي الأحزاب «لأنّنا لا نريد التحالف معهم، بل نودّ معرفة حجمنا الحقيقي داخل النقابة بهدف إجراء دراسة تُساعدنا في الانتخابات النقابية المقبلة وفي الانتخابات النيابية»، كانت تلعب من تحت الطاولة مع لائحة الأحزاب ولائحة «المهندس أوّلاً»، علّها تعبر من خلالهما.

 

مسؤولون عن ماكينة الأحزاب: حان الوقت لنقيبٍ مستقلّ

 

 

في الجهة المقابلة، كان مندوبو حزب الله وحركة أمل يقومون بـ«كبْسات» على خيمة التيار الوطني الحر ليتبيّن أنهم لم يلتزموا بالقرار الموحّد الصادر عنهم. هذا ما بدا جلياً في نتائج الانتخابات: أحزاب السلطة «لم تحلب صافي» مع بعضها البعض، بل إن التشطيب كان هو العنوان.

ومع ذلك، لم تتوقّع الأحزاب النتيجة. كان الترجيح بأنّ تخرق «النقابة تنتفض» في أكثر من فرع. ولذلك، وقف الجميع في باحة النقابة يتابعون فرز الأصوات الذي تمّ نقله عبر شاشة كبيرة نُصبت في المكان. صوت مندوبي ائتلاف المعارضة هو الطاغي: احتفالات عند الانتهاء من فرز كلّ صندوق، حتّى بات مندوبو الأحزاب هم الأقليّة داخل الباحة بعد انسحاب الكثيرين منهم بعد الساعة السادسة مساءً.

 

ماذا عن النقيب؟

ساعة واحدة كانت كفيلة بالتأكّد أنّ فارق الأصوات شاسع: ثلثان لمصلحة «النقابة تنتفض» مقابل ثلث لمصلحة الأحزاب، إذ إنّ معدّل الأصوات في معظم الصناديق كان 250 مقابل 100 صوت.

هكذا، فازت لائحة مندوبي ومندوبات «النقابة تنتفض» بأعضائها الـ221 من أصل 231 مرشحاً، مقابل فوز 62 مندوباً من مرشحي تكتّل الأحزاب، بعدما ترك ائتلاف المعارضة 51 مقعداً فارغاً. كما فازت ثلاث لوائح مقفلة تضم 15 مرشحاً لـ«النقابة تنتفض» في الفروع الثلاثة: المهندسون المدنيون الاستشاريون، المهندسون المعماريون الاستشاريون، والمهندسون الزراعيون ذوو الاختصاصات المختلفة. فيما فاز المندوبون و5 مرشحين لتكتّل الأحزاب في فرع المهندسين العاملين في القطاع العام، حيث الغلبة فيه لناخبي أحزاب السلطة.

أما لائحة «المهندس أولاً» التابعة لتنسيقيّة «مهندسون مستقلون» و«لنا النقابة المستقلة»، فلم تحصل إلّا على 126 صوتاً برغم وعود «القوات» بدعمها!

ويُعدّ فوز «النقابة تنتفض» إنجازاً في الفروع على اعتبار أنّهم سيحصلون للمرة الأولى على 3 أعضاء داخل مجلس النقابة، بعد أن ينتخب كلّ 5 أعضاء من كلّ فرع رئيسهم الذي يصبح عضواً حتمياً في مجلس النقابة، على أن يكتمل عدده في انتخابات المرحلة الثانية في 18 تموز المقبل.

وأكثر من ذلك، يُمكن القول إنّ ائتلاف المعارضة صار اللاعب الأقوى في انتخابات النقيب بعد 20 يوماً. وبالتالي، لم يعد النقيب يخرج من جيب تيار المستقبل.

يعترف بعض مسؤولي الأحزاب بأن نتائج انتخابات المرحلة الأولى تفرض عليهم التراجع خطوات إلى الوراء بترشيح نقيب مستقل لا ينتمي إلى أحزابهم أو يدور في فلكهم، كما كان يحصل سابقاً. ويؤكّد هؤلاء أنّ التشطيب لم يكن العامل الأساسي للخسارة، بل كانت نتيجة تراخي الماكينة الانتخابية التابعة لهم وعدم تحضير مندوبيها للعمل بشكلٍ جدي.