Site icon IMLebanon

“المهندسين” فضحت الأحزاب عشية الانتخابات النيابية: إلى المراجعة درْ

 

وتجرعت الاحزاب والتيارات السياسية في لبنان الحقيقة المرة: لم يعد بمقدورها ان تنام على حرير واقعها وتحصد متحالفةً المقاعد. ايام اكتساح الصناديق ولّت، والتحالفات لم تعد كسابق عهدها. ربما هي الثورة منذ 17 تشرين التي نجحت في تشوية صورة الاحزاب او ان الاحزاب بالغت في تقدير واقعها حتى منيت بالخسارة.

 

شكلت نتائج انتخابات نقابة المهندسين انذاراً خطيراً للاحزاب بالنظر الى واقعها الراهن. عكست درجة الاستياء منها، وسوء علاقة الاحزاب في ما بينها. فالاحزاب التي كانت تتحد لتحقق فوزاً كاسحاً في الماضي بالكاد حصدت عدداً محدوداً من المقاعد. والتيار الذي كان يحصد 80 بالمئة من المقاعد في الماضي بالكاد حصد 20 بالمئة من المقاعد.

 

حضور الاحزاب مجتمعة تراجع واظهرت اخفاقاً نقابياً وسياسياً حصدته في صناديق الاقتراع. لا يمكن للاحزاب وتحت اي حجة كانت ان تتنكر لما افرزته انتخابات نقابة المهندسين. الخبر هنا لم يعد عن هوية الجهة الفائزة ومشروعها البديل. اصلاً لم يعد السؤال عن البديل لقوى الامر الواقع بكاملها مشروعاً ومبرراً لدى العامة بل ان الخبر يكمن في الخسارة التي منيت بها الاحزاب على اختلافها .

 

والخسارة هنا مزدوجة فهي لم تفشل لان اصوات المقترعين لم تصب لصالحها بل فشلت ايضاً في تنظيم صفوفها وفي العلاقة في ما بينها. صار يحكم علاقة الاحزاب في ما بينها انعدام ثقة عميق وميل الى الانتقام، اي ان الأحزاب الشريكة في السلطة راحت تنتقم من بعضها حتى خسرت جميعها. ونقول جميعها لانه لا يمكن احتساب فوز اي حزب او تيار ببضعة مقاعد على انه فوز وهو الذي كان يكتسح الانتخابات بأصوات مؤيديه.

 

في نقابة المهندسين انتخب القهر والنقمة. حل الانهيار ناخباً أول ومنيت احزاب السلطة بخسارة مدوية. قد يقول قائل ان ما افرزته انتخابات المهندسين لا يعدو كونه انتخابات نقابية محدودة في اطارها النقابي، ولا تشكل مؤشراً الى انتخابات نيابية قادمة غير ان مثل هذا الكلام ليس الا ذراً للرماد في العيون وتخفيفاً من وطأة الهزيمة . ذلك ان احزاب السلطة مجتمعة انما تعول على اصوات الفقراء وعامة الناس التي تقف على خاطرهم في آخر الساعات قبل صناديق الاقتراع، لكن حتى هؤلاء لم يعد الاتكال عليهم مضمون النتائج اللهم الا على فوهة بركان الخطاب الطائفي والمذهبي، الذي سيتجلى بأعلى درجاته في الانتخابات المقبلة في حال حصلت. ذلك ان الاحزاب والتيارات السياسية لم يعد لديها ما تقوله لجمهورها غير كونها مستهدفة ورأسها مطلوب ولكن هذا النوع من الخطاب ملّه الناس.

 

في نقابة المهندسين انتخب القهر والوجع وخسرت الاحزاب اما ما تبقى من تفاصيل فليس مهماً. لا البرنامج ولا المشروع المستقبلي للفائزين .

 

لا ينكر نائب حالي انه منذ فترة طويلة لم يعد يمكنه مشاركة الناس همومهم ويومياتهم في دائرته الانتخابية. يقول: “مش قادر فرجي وجي لحدا. وشو بدنا نقول للناس”. أمثاله كثيرون فكل مبررات الماضي ووعود الفرج والمشاريع تبخرت الى غير رجعة ولم يعد هناك الا الوجع.

 

من بيروت الى البقاع والشمال والجنوب ما الذي تغير في ظروف الناس؟ وهل اختلفت ظروفهم منذ آخر انتخابات قبل 3 سنوات وحتى اليوم؟ الجواب بالطبع لا شيء تغير لا بل ازدادت الاوضاع المعيشية والاقتصادية تعاسة وانهار البلد رغم مكابرة المسؤولين على اعلان حقيقة ذلك.

 

بصريح العبارة يجب ان تعي الاحزاب انها لن تنام على حرير صناديق الاقتراع في الانتخابات المقبلة وانها ستنتخب لأي بديل، اي كان، حتى ولو كان الفوضى. تلك الفوضى التي نعايشها ولا همّ ان زادت وارتفعت وتيرتها. حتى الحرب الاهلية لم تعد تخيف الناس. وما هم طالما ان من عايش الحرب الاهلية يقول ان الظروف على سوئها كانت افضل من اليوم.

 

تفتح انتخابات المهندسين على الحقيقة المرة وهي ان الناس ملت احزابها وتنشد التغيير وسياسة شد العصب لم تعد تنفع .

 

حقيقة لا تنكرها الاحزاب في نقابة المهندسين ويعترف مصدر حزبي ان المطلوب مراجعة سياسية ونقابية تحت اي عنوان تخوض الاحزاب معركتها، في وقت لا الاتحادات العمالية ولا النقابية تقوم بعملها. ويقول شهدنا في نقابة المهندسين فوز حالة نخبوية مؤيدة للمجتمع المدني لكن الاحزاب لها جمهورها، وهي حاضرة شعبياً بين الناس بما لا يجعل نتائج نقابة المهندسين مؤشراً. مستطرداً، ان المطلوب من الاحزاب اعادة النظر في خطابها السياسي وعملها النقابي، واجراء مراجعة نقدية خاضها بعض الاحزاب فيما آخرون تجاهلوها. منذ اليوم الثاني لاعلان النتائج اعلنت الاحزاب استنفارها وتعاطت مع انتخابات المهندسين على كونها جرس انذار للانتخابات النيابية المقبلة، حتى ولو اختلفت وتنوعت شرائح الناخبين.

 

شكلت انتخابات المهندسين مؤشراً الى تراجع الاحزاب اما المؤشر الآخر فدونه الاحصاءات التي باشرتها شركات الاحصاءات، والتي اظهرت بصورة اولية تراجعاً واضحاً للاحزاب عما كانت عليه قبل 3 سنوات ولو بنسب مختلفة.