على مدار عقود منذ العهد الملكي المصري لم تتخذ مصر الإجراءات التي تؤمن وتؤكد وتتضمن تبعية جزيرتي صنافير وتيران لمصر.
قبل العام 1948 لم تكن الجزيرتان محل اهتمام ولم تكن مصر ولا السعودية ومن قبلهما “ولاية الحجاز” ولا العثمانيون مدركين لأهميتهما في العقود الأولى للقرن العشرين، أما بعد العام 1948 فتغيّر الأمر وتبدّل خصوصاً في العام 1950، وتشير الوثائق كلها الى أنه حدث اتصال بين القاهرة والرياض في شباط من ذاك العام للتنسيق بينهما وتأمين الجزيرتين للدفاع ضد إسرائيل.
ما حدث أنّ الملك عبدالعزيز والملك فاروق تبادلا الاتصالات والبرقيات لقيام القوات المصرية بتسلم الجزيرتين في السنة ذاتها لحمايتهما، وقد ازداد اللغط حول جزيرتي صنافير وتيران… وما إذا كانتا مصريتين أو سعوديتين، وجرى أخذ ورد طويلان حول هذه المسألة.
للتاريخ خلال الزيارة التاريخية التي قام بها الملك سلمان في 10 كانون الثاني (يناير) 2016 الى مصر وأسفرت عن توقيع مجموعة اتفاقيات إحداها حول إنشاء مدينة في مصر الجديدة تحل محل القاهرة التي تحفل نهاراً بــ15 مليون نسمة، وهي بالتالي إحدى أكبر مدن العالم كثافة، حتى أنّ هناك عائلات تعيش في مراكب صغيرة في النيل… إضافة الى مليوني مصري يعيشون في المقابر.
وفي لمحة تاريخية عن الجزيرتين يتبيّـن أنهما تقعان في البحر الأحمر، وهو موقع استراتيجي مهم جداً وكانت إسرائيل قد احتلتهما مرتين الأولى في العام 1956 (العدوان الثلاثي) ومرة ثانية في العام 1967 خلال حرب الخامس من حزيران (يونيو)، وانسحبت منهما في المرتين آخرهما في العام 1982 تنفيذاً لاتفاقية “كامب دايڤيد”.
الملك سلمان والرئيس السيسي وضعا الموضوع في عهدة المؤسّسات الدستورية في البلدين، وتقدمت المملكة بأوراق الى الأمم المتحدة تثبت ملكيتها للجزيرتين، وأدّى هذا الى أخذ ورد في السلطتين التنفيذية والتشريعية المصريتين.
وبعد نحو سنة أقرّ البرلمان المصري بحق المملكة العربية السعودية باستعادة ملكية الجزيرتين حاسماً الجدل في هذا الموضوع.
طبعاً لم يرق هذا الأمر لإسرائيل وعملائها الذين في الظاهر يعتبرون أنّ الرئيس السيسي باع أرض مصر وأنهم حرصاء على حقوق مصر أكثر من رئيسها وشعبها وحكومتها، وهذه مزايدة مكشوفة ما بعدها مزايدة، تشبه الى حدٍ ما المواقف الايرانية بإقفال السفارة الاسرائيلية في طهران إثر مجيء الخميني، واستبدالها بسفارة فلسطين، وللمزيد من المزايدة أنشأ الايرانيون “فيلق القدس” في الحرس الثوري بقيادة قاسم سليماني الذي نراه تارة في حلب وتارة أخرى على الحدود السورية – العراقية – الاردنية في “التنف” وهو أحد الممرات الثلاثة بين العراق وسوريا والاردن.
وبالمناسبة بالرغم من وجود الحرس الثوري في الجولان فإنّه لم يطلق رصاصة واحدة ضد إسرائيل، إلاّ أنّ لهذا الموضوع تفسيراً واحداً وهو أنّ العلاقة الايرانية – الاسرائيلية أكثر من جيدة.
إنّ أحداً لا يستطيع أن يزايد على الرئيس السيسي خليفة القائد التاريخي جمال عبدالناصر الذي جاء من المؤسّسة الوطنية (الجيش المصري) في المحبة لمصر وأرضها وشعبها.
الى ذلك، وبعد “عاصفة الحزم” في اليمن التي قادها الملك سلمان بن عبدالعزيز ليقول لمشروع ولاية الفقيه إنكم غير مسموح لكم أن تتعرّضوا للمصالح الحيوية للمملكة وللعرب وللمسلمين.
عوني الكعكي