الخميس الفائت بعثت إحدى شركات الأخبار العاجلة رسالةً قصيرة عبر الهواتف الذكية مفادها أنَّ وزير الخارجية جبران باسيل التقى في باريس رئيس تيار المستقبل سعد الحريري.
لم يصدر عن الرئيس الحريري أو الوزير باسيل أيُّ نفيٍ أو تأكيدٍ للخبر، وما ضاعف من نسج السيناريوهات أنَّ الطائرة التي أقلَّت الوفد إلى نيويورك لم يكن على متنها الوزير باسيل، ما عزز التكهنات بأنه عرَّج على باريس للقاء الحريري.
***
في الوقت الذي كان فيه الخبر ينتشر في بيروت كالنار في الهشيم، كان الرئيس الحريري يُمضي بعض الوقت مع أنجاله وتحديداً يحضرون لعبة كرة القدم، كما كان في زيارته نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، وحين قرأا خبر الرسالة العاجلة أُصيبا بالذهول إذ كيف يكون هناك لقاء بين الحريري وباسيل، فيما الحريري مع عائلته في حضور فريد مكاري.
***
ذُهِلا لكنهما لم يستغربا، فمثل هذه التلفيقات إعتاد عليها الزعيم الشاب، الصحف تأخذه وتجيبه غب الطلب وغب الرغبة. إحدى الصحف، على سبيل المثال لا الحصر، جزمت الأسبوع الماضي أنَّ الرئيس سعد الحريري سيكون اليوم الأربعاء في بيروت. صحيفة أخرى جزمت بأنَّ الرئيس الحريري اتصل بالعماد ميشال عون وأبلغ إليه أنه سيكون رئيساً للجمهورية في الجلسة 45 في 28 من هذا الشهر.
***
يتصرَّفون مع الرئيس الحريري وكأنه مالئ الدنيا وشاغل الناس، يلاحقونه من مكان إلى مكان ومن عاصمة إلى عاصمة، ويلفقون الأخبار على أنهم إلتقوه، لكنهم في المقابل يروِّجون الأخبار أنّه ضَعُف وأنّه انتهى وأنَّ تيار المستقبل أصبح تيارات وأنَّ الإنشقاقات تعصف به وأنَّ الرئيس الحريري لم يعد قادراً على جمعه على قرار واحد…
هنا يستنتج المراقبون:
إذا كان الرئيس سعد الحريري ضَعُف إلى هذا الحد، فلماذا تلاحقونه من عاصمة إلى عاصمة؟
ولماذا تشترطون أن يُسمِّي هو المرشح للرئاسة ليُصبح هذا المرشح هو الرئيس؟
إذا كنتم أنتم أقوى منه وإذا كان كلامكم هو الذي يسري، فلماذا لا تنتخبون الرئيس الذي تريدونه؟
كيف تسلِّمون بأنَّ الرئيس الحريري قادر على وضع الفيتو فيما أنتم تستكثرون عليه أنه قادرٌ على جمعِ تياره؟
***
إنه الإنفصام السياسي بعينه:
يعترفون ضمناً بقدرة الحريري، ويتحدثون علناً عن عجزه السياسي وضعفه الشعبي. فكيف يكون ذلك؟
المنفصِمون يتحمّلون مسؤولية إنفصامهم، أما الحقيقة فإنَّ موقف الرئيس سعد الحريري ثابت لا يتغيَّر:
مرشحه هو الوزير سليمان فرنجيه:
لا كلام من تحت الطاولة وكلام من فوق الطاولة. الجلسة ال45 لن تحمل مفاجأة في ما يتعلَّق بالأسماء، مرشحان للرئاسة المعلنان عون وفرنجيه، أو هناك ربما مرشحون آخرون، فلماذا اللف والدوران؟
ولماذا لا ينزل الجميع إلى مجلس النواب وينتخب كل نائب المرشح الذي يريده؟