عندما يترشح أي شخص لأي منصب، فإنّ أول ما يفعله هو التقدّم ببرنامج إنتخابي كثيراً ما يعد فيه بالمن والسلوى، وبأنه سوف يؤمن لشعبه الحياة الرغيدة والسعيدة والبحبوحة والعيش الكريم، وكثيراً كثيراً من الوعود… وهذا ينطبق على جميع المرشحين إن كانوا لرئاسة الجمهورية أو لرئاسة الحكومة أو لرئاسة المجلس أو للنيابة والوزارة.
وعندما يصلون الى السلطة يبدأون بالتملص والهرب من الوعود… ساعة يقولون، ورثنا ديوناً ونحن لسنا مسؤولين عنها، غيرنا هو المسؤول… ونحن لسنا مسؤولين، إنما الذين كانوا قبلنا هم تسببوا في تراكم هذه الديون.
وعندما تسألهم عن وعودهم وعن البرامج الانتخابية طبعاً يتناسون، وفي أحسن الأحوال يتنكرون ويتنصلون.
هذه حال المسؤولين عندنا… ولكي لا نظلمهم لا نقصدهم كلهم بل جلهم.
نقول هذا الكلام عندما نسمع مسؤولاً كبيراً يردد: لقد ورثت هذا الدين وهو صادق في قوله، ولكن هل كان يعرف مسبقاً أم أنه لم يكن يهمه أن يعرف أم أنه كان يعرف ولكنه لا يريد أن يعترف بأنه يعرف؟..
كفى خداعاً… فالأرقام كلها موجودة… واليوم من خلال الكمبيوتر والانترنت لست بحاجة الى جهد كبير لتعرف هذه الأسرار الكبيرة، الأمر سهل جداً يحتاج الى قليل من الجهد… اضغط على زر البحث واسأل الكمبيوتر عن أي معلومة تريدها فهو يجيبك فوراً وبشكل دقيق جداً.
مسؤول آخر طوّق وزارة المالية واحتلها ثم ضرب السكرتيرة ومن ثم هدد بمسدسه الوزير وأجبره على توقيع معاملة بالقوة، كما اتهم الوزراء بالفساد والرشوة في حين تبيّـن أنّ في حسابه الشخصي ثلاثين مليون دولار أميركي، ويعترف أيضاً بأنه أخذ هذه المبالغ من فلان وفلان وفلان… وهنا نسأل: هل فلان وفلان وفلان جمعية خيرية وأنهم يوزعون المال هكذا وهكذا أم أنّ هناك خدمات يقدمها ذلك المسؤول؟ والسؤال الأكبر: ما هي تلك الخدمات؟!.
أما من ناحية قولهم ورثنا ديوناً، فهذا صحيح، فلنأخذ مثلاً عندما جاء الرئيس عون الى الحكم كان الدين ٦٤.٤ مليار دولار… وبعد ٣ سنوات من الحكم أصبح نحو ٨٦ ملياراً!
مقياس النجاح للعهد أو الفشل هو ميزان سهل جداً، وهو كم استطعنا أن نخفض من الديون… أما إذا لم نخفضها بل زادت فيعني أنّ العهد فاشل.
وهنا لا بد من التذكير بالإنجازات التي يقولون إنهم حققوها مثل قانون الانتخابات النيابية صحيح، ولكن ماذا عن رشوة توظيف ٥٠٠٠ موظف تابعين للجميع؟ من سيدفع لهم رواتبهم؟ والإنجاز الثاني الذي يتحدثون عنه هو سلسلة الرتب والرواتب… فهل يعقل أن تقدم دولة مفلسة وعندها عجز ٤ مليارات دولار في ميزان المدفوعات على زيادة للموظفين؟ طبعاً لا يمكن أن يفعلها نظام عاقل، كذلك ابتدأت هذه السلسلة بمبلغ ٨٠٠ مليون دولار وأصبحت اليوم مليارين و٨٠٠ مليون دولار…. كيف؟ ولماذا؟ أيضاً لا نعرف.
وزير سابق يدّعي انه خلال ١١ سنة مُنع من تحقيق حلم الكهرباء… قد يكون ما يقوله صحيحاً، ولكن هناك حقائق لا يمكن تجاهلها:
أولاً- هذا الوزير بقي ١١ سنة وزيراً، فماذا كان يفعل؟ فقط كلمة واحدة: منعوني!
ثانياً- لماذا عندما منعوه لم يستقل؟
ثالثاً- ماذا عن الصندوق الكويتي الذي عرض ان يؤمن الكهرباء ويقيم المعامل لإنتاج الكهرباء ويعطي سبع سنوات فرصة سماح وتقسيط على ٣٠ سنة بفائدة واحد في المئة، وقد رفض الوزير.
كذلك عرضت شركة «سيمنس» أن تقوم بإنشاء معامل إنتاج كهرباء مع تقسيط الدفع على مدة ٣٠ سنة بفائدة واحد بالمئة، رفض هذا العرض أيضاً، لماذا؟ لا نعرف ما هو مخطط الوزير الذي لم يسمحوا له بأن يعمل.
أكتفي بهذه الحقائق على أمل أن يتعظوا ويتوقفوا عن قول الكلام غير الصحيح لأنّه «لا يصلح العطار ما أفسد الدهر».
أخيراً، أتمنى أن نتوقف بإيجابية عند أمل جديد هو بداية الحفر للتنقيب عن الغاز والنفط الذي يبقى الأمل الوحيد لإنقاذ هذا البلد… ولكن كم من الوقت يحتاج الإنتاج؟ وهنا يجب قول الحقيقة: إنّ الفضل الكبير بهذا الملف يعود للرئيس نبيه بري الذي تعهّد هذا الملف وتابعه منذ اللحظة الأولى وعقد عشرات الساعات من الاجتماعات مع الاميركيين ومع الشركات المعنية من أجل الوصول الى شاطئ الأمان.
عوني الكعكي