تعهّد الرئيس الاميركي دونالد ترامب، مراراً وتكراراً، بأنه سيسحب قواته البالغ عديدها 2000 ضابط وجندي من شمال سوريا، ليتبيّـن أنه أضاف إليهم نحو 700 عسكري جديد.
والواقع أنّ الاميركي لم يطلب اذناً من أحد لتمركز قواته في سوريا، وهو لن يطلب اذناً من أحد إذا أراد فعلاً أن ينسحب.
ولقد درج الاميركي والاسرائيلي على ممارسة الكذب والنفاق في ما يتعلق بسوريا، وبالذات في ما يتعلق بوجود إيران و»حزب الله» في سوريا والتورّط في حربها.
فهل تريد أميركا وإسرائيل فعلاً أن يخرج الايراني و»حزب الله» من سوريا كما تدّعيان؟
وهل فعلاً تريدان التخلص من النظام الايراني ومن سلاح «حزب الله»؟!.
ولو أرادتا ذلك بجدية هل كان في مقدور إيران و»حزب الله» أن يتورّطا في الحرب السورية بإرسال الجنود والمقاتلين والعتاد والميليشيات الشيعية العراقية و»فيلق القدس» في الحرس الثوري الايراني؟..
وهل يجهل الاميركي والاسرائيلي المعابر التي يدخل منها الرجال والسلاح الى سوريا لدعم النظام فيها؟!. وهل تفتقد أميركا القدرة على مراقبة تلك المعابر من أقمارها الصناعية التي تستطيع أن تراقب النملة على الارض وتصوّرها وتحدّد مسارها؟!.
وقبل هذا كلّه كيف تغاضت إسرائيل (وأميركا من ورائها) عن النووي الايراني، فكانت مسرحية المفاوضات التي استمرّت عشر سنوات كاملة حتى تم التوصل الى اتفاق نتيجته الفعلية أنه يحمي النووي الايراني ولا يلغيه… علماً أنّ ترامب انسحب أخيراً من هذا الاتفاق.
وهل يفوتنا أنّ إسرائيل قصفت المفاعل النووي العراقي والمنشأة النووية السورية من دون توجيه أي انذار الى بغداد أو دمشق، وفي الوقائع أنه عصر يوم السابع من حزيران عام 1981 قام سرب من المقاتلات الحربية الاسرائيلية يتألف من مقاتلات «F16» و»F15» بالطيران انطلاقاً من القاعدة في صحراء سيناء التي كانت تحت السيطرة الاسرائيلية بارتفاع يتراوح ما بين 90 و150 متراً، وكان الطيارون يتحدثون العربية للتمويه فوصلوا الى مفاعل تموز بعد أقل من ساعتين وما ان حلّت الساعة السادسة إلاّ عشرين دقيقة عصراً حتى هبطت الطائرات الاسرائيلية في قاعدتها في إسرائيل مجدداً وذلك بعدما استغرقت دقيقتين تقريباً في إطلاق 16 قنبلة، أصابت 14 منها هدفها بدقة ولكن من دون أن ينهار المبنى الذي تعرض الى أضرار جسيمة، وقُتل في العملية 11 شخصاً منهم تقني فرنسي الجنسية كان عميلاً للمخابرات الاسرائيلية، وكان هو من ساعد في وضع جهاز تحديد الموقع داخل المفاعل، ولم يُعرف سبب عدم مغادرته للمفاعل قبل القصف حتى الآن!
وكذلك اعترفت إسرائيل رسمياً بتدميرها المفاعل النووي السوري في ضربة جوية في عام 2007، وجاء الإعتراف بعد العملية بسنوات، وقد وصف الجيش الاسرائيلي الغارة الجوية على منطقة شرقي دير الزور بأنها قد قضت «على تهديد وجودي ناشئ ضد إسرائيل وعموم المنطقة»، وأشارت الى أنّ المفاعل كان يوشك على الاكتمال.
وظل يعتقد لزمن طويل بمسؤولية إسرائيل عن تدمير منشأة نووية سورية، بيد أنها لم تقر بذلك حتى صدور البيان الاخير.
فما هو السرّ في تدمير المنشأتين النوويتين العربيتين بذريعة تهديدهما أمن إسرائيل ومن دون أي سابق انذار… وعدم التعرّض للمفاعل النووي الايراني رغم الهوبرة الاسرائيلية والتهديدات العلنية؟ هل لأنّ النووي الايراني لا يهدد إسرائيل إلاّ… بالكلام؟!.
يكفي ما يتحفوننا به من بطولات وهمية وادّعاءات بأنهم سيحاربون إسرائيل وسيدمرونها، ولقد قصفت إسرائيل الايراني و»حزب الله» في سوريا فلم يصدر عنهما أي رد يتجاوز حدود الكلام عن «نحن نختار زمان المعركة ومكانها ولن يستدرجنا العدو الى مخططاته»…
فعلاً… يكفي!