كثرت هذه الأيام واشتدّت نفحة الشكوى والمطالبة بحقوق المسيحيين من قبل التيار الوطني – ولا أدري إن كان حراً – إلى درجة أن الكلام الذي يقال ويسمع أصبح مبتذلاً ولا يليق إطلاقاً بصاحبه.
لا أدري لمن يوجه ذلك الكلام؟ أللمسلمين الشيعة وهم حلفاء حزب الله أم للمسلمين السنّة وهم على ما يبدو المعنيون. أنا لست طائفياً على الإطلاق وأمقتها لأن الله قد علمني من خلال كتابه العزيز القرآن الكريم أن المسيحيين كالمسلمين مؤمنون وبالتالي هم إخوة كما ورد في قول تعالى: «إنما المؤمنون إخوة». فمنطلقي إذاً هو أني لبناني، عربي الأصل، لا يشبه عرب اليوم، يفاخر بأسلافه ويعتز بما حققوه من حضارة ويتمسك بعروبته أيضاً إلى جانب لبنانيته وتعلقه بها وبعلم بلاده وحده. فهمه العميق بلبنانه أنه طائر بجناحين مماثلين يعبر القارات ولا يحط إلا على أرض وطنه لبنان، لبنان الذي أراده الله رسالة للبشرية ورفع أرزه إلى السماء مفاخراً به.
من منطلقاتي هذه أتألم من سماع المغالطات التي تشبه الكذب تصدر من أفواه مسؤولين، تشحن بها النفوس اللاقطة فتعتبرها حقائق تتحوّل مع الأسف إلى سوس في جسم الوطن تعرضه إلى الهلاك، هكذا مجاناً كأنما في الأمر «فشة خلق». وفي ذلك عيب كبير بحق الوطن لا نرتضيه له إطلاقاً.
لبنان حصل على استقلاله عام 1943 بفضل وعي وإدراك أبنائه وتوحدهم في وجه المنتدب خلف أبطال على رأسهم الشيخ بشارة الخوري ورياض بك الصلح واضعاً الميثاق الوطني بمشاركة نخبة من الرجال المؤمنين بوطنهم لبنان وبالعيش المشترك بين مكوناته المسيحية والإسلامية.
أنا لست طائفياً ولا مذهبياً وإنما مؤمن، وتربيتي الاجتماعية علمانية لا أفرّق بين مسلم ومسيحي، فكلاهما مؤمن وأقربهم إلى الله أنفعهم لعياله. في كتاب الله، القرآن الكريم آيات تقر الإيمان بالعمل الصالح كأنما هذا العمل هو تجسيد للإيمان (والذين آمنوا وعملوا الصالحات…).
آن لنا اليوم أن نمارس إنسانيتنا وفقاً لهذا المفهوم.