Site icon IMLebanon

ضمان الشيخوخة يُبعث من جديد.. والفضل لـ«تقاعد المضمونين»

توحي الاجتماعات المكثفة التي تعقدها اللجان النيابية أن «الدولة ماشية» وأن المؤسسات بأفضل حالاتها، ولا هم لديها سوى رفاه المواطنين والحماية الاجتماعية. في اجتماعات لجان «الصحة» و «الإدارة والعدل» و «الصحة» و «الشباب» و «الأشغال» و «المال»، الاستنفار هو نفسه، وإن يزداد حدة في «المال» و «العدل»، نظراً لوظيفتيهما المحوريتين. كثر يعتبرون أن النشاط مرده بركة الجلسة التشريعية التي يصرّ الرئيس نبيه بري على عقدها، بما أوحى للبعض، ربما، أن البازار قد فتح وأن بالإمكان النفاذ إلى جدول «تشريع الضرورة».

آخر الغيث، أمس، تمثل بموافقة لجنة المال على اقتراح قانون يتعلق بإفادة المضمونين المتقاعدين من التقديمات الصحية، بخلاف ما هو سائد حالياً، على أن يصبح نافذاً فور نشره في الجريدة الرسمية. و «الإنجاز» لم يتوقف عند هذا الحد، ففي سياق إقرار مشروع قانون يسمح لوزارة المالية بالاستفادة من قرض مقدم من البنك الدولي بقيدمة 5.2 مليون دولار لاستكمال مشروع اصلاح الادارة المالية العامة الذي كان بدأ بهبة من البنك، أعيد إحياء مبدأ الرقابة البرلمانية الذي يكاد ينحصر في لجنة المال. وعليه، فقد تقرر عقد جلسة يوم الثلاثاء المقبل تقدم خلالها وزارة المال تقريرين: الأول يتعلق بكيفية إنفاق الهبة الأولى، والثاني يتعلق بالمراحل التي وصلتها مسألة الحسابات المالية، التي شهدت في العام 2010 عصراً جديداً، وضع حداً لمرحلة الموازنات الوهمية والحسابات غير المسجلة أو الضائعة، أو غير المعدة أصلاً، حيث ذكّر المدير العام للمالية العامة ألان بيفاني في الاجتماع أن معظم الوزارات لم تكن تعد موازناتها بشكل سليم.

وبالرغم من موافقة أعضاء اللجنة بالإجماع على المشروع، إلا أن الموافقة أرفقت بطلب تقرير مفصل عما أنجز بموجب الهبة التي كانت بقيمة اربعة ملايين دولار، والتي كانت مخصصة لاصلاح الادارة المالية، لاسيما ما يتعلق بمديرية الخزينة ومديرية المحاسبة وإعداد الموازنة، إضافة إلى إنشاء مديرية لإدارة الدين العام. وبالفعل وعدت وزارة المالية بأن تأتي في جلسة الثلاثاء المقبل بتقرير مفصل حول ما تم انجازه.

«التوظيف الاحتيالي»

لكن قبل الوصول إلى هذه النتيجة، كان هنالك ريبة من تكرار تجربة برنامج الامم المتحدة الانمائي (يو ان دي بي) المتعلق بالتوظيف والذي كانت تستفيد منه 12 وزارة أبرزها وزارة المالية، من خلال استقدام موظفين بصفة استشارية للعمل لديها برواتب عالية تتجاوز الأنظمة والقوانين المرعية على الصعيدين المالي والإداري. أبرز من خشي من تكرار التجربة كان «حزب الله»، لا سيما النائب حسن فضل الله، الذي كان قدم في العام 2010 سؤالاً للحكومة عن البرنامج ومستشاريه الذين وصفهم في حينه بـ«حزب الـUNDP».

لكن التوضيحات الصادرة من «المالية»، كانت كفيلة في إقناع المشككين بأن القرض لا يدخل في إطار توظيف جديد لعدد من المستشارين، إنما بتعزيز امكانيات الإدارة فحسب، حيث ينفذ البرنامج المحدد بسنتين من قبل عدد قليل من الخبراء. وعليه، تمت الموافقة على المشروع بالإجماع، علماً أن النائب ياسين جابر كان أبدى استغرابه من انتظار الدولة كل هذه المدة، حيث وصل الدين العام إلى 70 مليار دولار، لتكتشف أهمية وجود إدارة متخصصة تهتم بإدارة الدين.

والتوافق على إقرار المشروع، استتبع بالتوافق على سلسلة من التوصيات، أولاها دعوة الحكومة إلى إقرار الموازنة وإحالتها الى المجلس النيابي في اقرب وقت ممكن، وثانيتها الطلب إلى الحكومة إحالة مشروع قانون قطع الحساب والحسابات المالية إلى المجلس النيابي وديوان المحاسبة. وقد ذكّر رئيس اللجنة ابراهيم كنعان بعد الجلسة، أن اللجنة تطالب منذ العام 2010 بالحسابات المالية وفقا للاصول القانونية والدستورية، مشيراً إلى تجديد المطالبة بأن «يكون لدينا من وزارة المالية يوم الثلاثاء المقبل تقرير مفصل عن الحسابات المالية واين اصبحت؟ ومتى تتوقع ان تنتهي من هذه المسألة لكي تستطيع اقرار الموازنة العامة للدولة مع الحسابات المالية وفقا للاصول الدستورية والقانونية».

أما التوصية الثالثة فشملت المطالبة بفتح دورة استثنائية لمناقشة ودرس واقرار الموازنة والحسابات المالية (بعد تصديقها من ديوان المحاسبة)، خلافاً لما كان يحصل حتى العام 2005 حيث كان مجلس النواب يقرها مع التحفظ لخلو تصديقها من ديوان المحاسبة.

بعيداً عن المسألة المالية، أعادت اللجنة فتح باب قانون ضمان الشيخوخة المعلق منذ 5 أعوام، من زاوية اقتراح قانون يتعلق بافادة المضمونين المتقاعدين من تقديمات العناية الطبية في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي كانت تقدمت به «كتلة المستقبل» وأقرته لجنتا «الصحة» و «الإدارة والعدل».

3 قوانين للشيخوخة!

ومع تأكيد اللجنة على أهمية هذا القانون، كان هنالك اتفاق على أن الحل الاشمل يبقى بإقرار قانون ضمان الشيخوخة. لهذا، أوصت اللجنة بأن يتم عقد جلسة للجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان المشتركة، برئاسة النائب عاطف مجدلاني لبت قانون ضمان الشيخوخة. وقد وعد مجدلاني بعقد اجتماع للجنة يوم الاربعاء المقبل.

ولم يتضح ما إذا كانت الفيتوات المتبادلة التي حالت في السابق دون إقرار القانون، ما تزال ثابتة اليوم، علماً أن اللجنة تناقش في آن واحد الاقتراح الذي كان مقدماً من «التيار الوطني الحر»، والذي اصطلح على تسميته بـ«اقتراح شربل نحاس، ومشروع مشابه مقدم من الحكومة آنذاك. كما أضيف إلى المشروعين اقتراح مقدم من كتلة «المستقبل» (تناقشه لجنة الصحة اليوم)، ويتعلق بضمان الشيخوخة أيضاً.

وللتذكير، فقد اصطدم مشروع نحاس بمعارضة غير مباشرة من كتلتي «التنمية والتحرير» و «المستقبل»، حيث تحفظت الأولى على فصل النظام التقاعدي عن الضمان الاجتماعي، فيما كان تردد أن كتلة «المستقبل»، ترفض تحول الأموال المتعلقة بالمشروع إلى دين سيادي على الدولة.

وإذا كان مجدلاني يقول إنه يؤيد شربل نحاس في نقطة وحيدة تتعلق بضرورة فصل النظام التقاعدي عن الضمان الاجتماعي، فإن مجدلاني نفسه، لمس استعداداً من النائب ياسين جابر للسير بعملية الفصل، علماً أن اجتماعات اللجنة الفرعية كانت توقفت بسبب اشتراط الهيئات الاقتصادية الانطلاق من نقطة أن النظام مستقل عن الضمان.

البطاقة الصحية

وبالرغم من أن القانون الذي أقر في اللجنة لا يؤمن التغطية الصحية لكل الشعب اللبناني، وهو ما اعترض عليه جابر الذي رفض التجزئة، داعياً إلى إفادة كل الشعب اللبناني من الضمان الصحي، يبقى التخوف مشروعاً من إمكانية عدم تطبيق هذا القانون، خاصة أن تجربة الضمان الاختياري ما تزال حاضرة. ومع ذلك يشير مجدلاني إلى أن لجنة الصحة بدأت مناقشة مسألة البطاقة الصحية التي تشكل بديلاً عن تقديمات وزارة الصحة، وتطال كل من لا يتبع لجهات ضامنة. ويقول إن هذه البطاقة تنهي مسألة كوتا المستشفيات التي تتحجج بها دائماً لعدم استقبال المرضى. وبالرغم من أن إدارة هذه البطاقة ستكون تابعة مباشرة لوزارة الصحة، إلا أن المشروع يشير إلى أن إدارتها ستكون من خلال القطاع الخاص.