تصادف السنة الجارية الذكرى السنوية الـ70 لانتصار حرب المقاومة للشعب الصيني ضد العدوان الياباني والحرب العالمية الثانية ضدّ الفاشية، وكذلك الذكرى السنوية الـ70 لإنشاء الأمم المتحدة، وتعتبر سنة مهمة للمجتمع الدولي في مراجعة التاريخ وتلخيصه والتطلّع الى المستقبل وتصميمه.
إنّ الحرب العالمية الثانية حرب لا مثيل لها في التاريخ البشري من حيث الحجم، حيث اجتاحت نارها أكثر من 80 دولة ومنطقة في قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا وأوقيانوسيا، وعانَى قرابة ملياري نسمة فيها. وهي الحرب العدوانية الوحشية التي شنّتها الفاشية، والنزعة العسكرية أتت بمصيبة كبرى للعالم كله وللحضارة الإنسانية.
وكانت الصين كساحة المعركة الرئيسية الشرقية ضدّ الفاشية في العالم. إنها أوّل دولة بدأت في حربها المقاومة، ودامت حربها أطول وقت ودفعت أكبر ثمن، حيث ناضل الشعب الصيني نضالاً شاقاً للغاية ضد الغزاة اليابانيّين لـ14 سنة، بدءاً من حادثة 18 أيلول عام 1931 حتى هزيمة اليابان واستسلامها عام 1945.
حسب الإحصاءات غير المكتملة، أدّت هذه الحرب إلى 35 مليون قتيل وجريح من العسكريين والمدنيين بالإضافة إلى الخسارة الاقتصادية المباشرة بقيمة تتجاوز 100 مليار دولار أميركي وغير المباشرة بقيمة تتجاوز 500 مليار دولار أميركي.
وقدّمت حرب المقاومة للشعب الصيني ضد العدوان الياباني تعاون ودعم معارك دول الحلف، وتناسَقت مع العمليات العسكرية الإستراتيجية في أوروبا ومنطقة المحيط الهادئ، فلها أهمية استراتيجية كبرى. كما قدّم الشعب الصيني مساهمات تاريخية لا تُمحى في سبيل النصر النهائي للحرب العالمية ضدّ الفاشية.
إنّ نصر الحرب العالمية ضدّ الفاشية هو نصر عظيم تغلّبت فيه العدالة على الشرّ، والنور على الظلام، والتقدّم على الرجعي، والحضارة على الوحشية. ويُكسَب على حساب الأثمان الباهظة التي دفعتها الشعوب العالمية بما فيها الشعب الصيني. وهناك استيحاءات تركتها هذه الحرب تستحق لتحفظها الى الأبد، وهي كما يلي:
إنّ اللجوء إلى القوة والتمادي في الهيمنة ليسا السبيل المؤدي إلى السلام للبشرية إطلاقاً، بل إنّ السلم والتنمية والتقدم هي العنوان الرئيسي الأبدي للمجتمع الإنساني. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، قامت الصين بالتشاورات مع الدول المعنية من أجل إنشاء الأمم المتحدة، وعملت على دفع تشكيل الانضباط الدولي بعد الحرب، وأرسى الأساس للقانون الدولي ونظامه بغية الحفاظ على السلم العالمي.
إنّ النظام الدولي القائم على أساس نصر الحرب العالمية الثانية، ونواته الأمم المتحدة، لعب دوراً مهماً في تأمين التقدّم الملحوظ لقضايا السلام والتنمية الإنسانية خلال 70 سنة ما بعد الحرب.
وإنّ الصين، باعتبارها عضو دائم في مجلس الأمن بالأمم المتحدة، تدافع بعزم عن ثوابت ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه والقوانين الأساسية في العلاقات الدولية، وتعمل على بناء النمط الجديد من العلاقة الدولية وجوهرها التعاون والفوز المشترك، وتشارك الفرص السانحة مع العالم لتحقيق الازدهار المشترك.
بمناسبة الذكرى الـ70 لانتصار الحرب العالمية الثانية، أقامت العديد من دول العالم احتفالات مختلفة. وستقُيم الصين احتفالات كبيرة في بكين، كالمؤتمر التذكاري، والعرض العسكري في بكين في 3 أيلول المقبل، ما يُظهر عزيمتها على حماية منجزات نصر الحرب العالمية ضد الفاشية والعدالة والإنصاف الدولي ونيّاتها في حفظ التاريخ وتخليد الشهداء والحرص على السلام وشَقّ طريق المستقبل سوية مع دول العالم.
وإنّ الحفظ والتخليد ليسا من أجل تمديد الحقد، بل من أجل اتخاذ التاريخ كالمرآة والتطلّع الى المستقبل، وتذكير الناس بالحرص على السلام الذي لا يأتي بسهولة الدفاع عن السلم والأمن والتعاون في العالم.
تنتهج الصين السياسة الخارجية السلمية والمستقلة، وتتمسّك بطريق التنمية السلمية واستراتيجية الانفتاح المتمثّلة بالمنفعة المتبادلة والربح المشترك، وتعمل على تطوير التعاون الودّي مع كل دول العالم على أساس المبادئ الخمسة للتعايش السلمي. وتربط الصين بلبنان صداقة طويلة الأمد ويحترمان بعضهما بعضاً، ويعاملان بعضهما بعضاً على قدم المساواة.
وظلّا على التنسيق والتعاون الوثيقين في الشؤون الإقليمية والدولية. وعلى مدى السنوات الأخيرة، شهدت العلاقة الصينية – اللبنانية تطوراً مستقراً وسَلساً، حيث حقّقت إنجازات ملحوظة في التعاون الودي في مختلف المجالات.
وعند التطلّع الى المستقبل، تستعدّ الصين لبَذل الجهود المشتركة مع لبنان، والرامية الى انتهاز الفرصة من بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير مع طريق الحرير البحري في القرن الـ21، والارتقاء بالعلاقة الثنائية والتعاون الودي باستمرار، ما يقدّم مساهمات إيجابية من أجل دفع السلام والتنمية الاقليمية والدولية بشكل مشترك!